يوم الحج الأكبر

يتجه حجاج بيت الله وقلوب كل العالم معهم إلى منى، حيث يشهدون هذا اليوم العظيم الذي يؤدون فيه أغلب أعمال الحج، وهو بداية ختام هذه الرحلة الإيمانية العظيمة. اليوم هو يوم الأضحى وهو الذي يمثل رحلة نبي الله إبراهيم عليه السلام في طاعة ربه والتضحية بأغلى ما يملك من أجل حب الله.
عندما جاء الخليل الأمر برؤيا في منامه أن يضحي بابنه، حاول إبليس أن يثنيه عن طاعة الله، واستغل حبه لابنه في محاولة دفعه ليعصي أمر الله تعالى، لكن إبراهيم الخليل لم يلتفت لكل ذلك ورمي الشيطان في ثلاثة مواقف كل منها يرمز لرفض سطوة الشيطان ومحاولات تغريره برمي الجمرات.
هذه المواقف الخالدة في التاريخ لنبي الله تؤكد أن كل من يريد العظة والاعتبار مطالب برفض تدليس الشيطان ومحاولاته المستمرة لدفع المسلم لمعصية ربه، المعصية التي تتمثل في ترك السنن والواجبات والأركان، ثم تتفاقم لتجعل من الإنسان أداة في يد الشيطان تعمل لجذب مزيد من العاصين لله تعالى إلى موقع المعصية بالعمل أو القول أو الاعتقاد، وهؤلاء شياطين الإنس الذين حذر منهم القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.
يأتي هذا اليوم ليذكرنا برد إسماعيل عليه السلام عندما أبلغه أبوه الخليل أن الله أمره أن يضحي به، فكان المثال الأعظم للرضوخ لأمر الله تعالى، والصبر على كل عواقب الأمر. أوليس تقبل الموت في رضى المولى جلت قدرته أكبر شواهد الطاعة والانقياد للرب والقبول بكل أوامره ونواهيه؟ شواهد عظيمة خلدها التاريخ لتذكرنا وتعلمنا وتعيد كل من يسير في خطى إبراهيم عليه السلام إلى مركز الطاعة والانقياد، وأننا كلنا خلق الله يملكنا سبحانه ويملك كل خلية من خلايانا.
ثم إن الله يذكرنا دوما بأنه الغفار والرحيم الذي يعطي من يلتزم أوامره بغير حساب، وهو الذي افتدى إسماعيل عليه السلام بذبح عظيم، وهو ما يضحي به المسلمون كل عام. نتذكر كل هذا ونعلم أن الله تعالى ما كان ليفرض على عباده شيئا إلا وله حكمة بالغة، وهنا يتجلى أمر أهمية الأضحية العقدي والاجتماعي والإنساني إضافة للبعد المادي .. وتستمر أعمال الحجيج بمزيد من الترسيخ لقصص الطاعة والانقياد لله تعالى في هذا اليوم وما يليه من الأيام .. وعنها حديث مقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي