زيارة مختلفة لمرحلة جديدة
زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية تقدم شكلا مختلفا عن الزيارات المعتادة لمسؤول سعودي للولايات المتحدة، فالزيارة جاءت لتأسس لمرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية الدولية خصوصا مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن العلاقة معها امتداد لعلاقات بدأت منذ عقود قائمة على المصلحة المشتركة بين البلدين باعتبار أن السعودية قوة اقتصادية إقليمية والأبرز في إنتاج النفط على مستوى العالم، ودولة لها أهميتها على المستويين العربي والإسلامي باعتبار أنها تحتضن منظمة المؤتمر الإسلامي، وعضو مؤثر وفاعل في جامعة الدول العربية.
بعد إعلان "رؤية المملكة 2030" شكلت الرؤية تحولا مهما في استراتيجية السعودية الاقتصادية التي ستؤثر في جوانب أخرى سواء كانت سياسية أو أمنية، ونظرا لعمق العلاقات الاقتصادية والسياسية التي تربط السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية على المستويين السياسي والاقتصادي ونظرا لما تمثله الولايات المتحدة الأمريكية في العالم باعتبارها أكبر كيان اقتصادي، وتؤثر بشكل كبير في حركة ونشاط الاقتصاد عالميا وتضم أضخم الشركات العالمية والأكثر توسعا في الاستثمار حول العالم.
ونظرا لتوجه السعودية بتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والسعي إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية خصوصا النوعية منها، بدأت الزيارات بالولايات المتحدة الأمريكية التي تعد الدولة الأهم خصوصا مع العلاقات الجيدة بين البلدين، والفرص التي يمكن أن تقدمها السعودية للمستثمرين الأمريكيين وإضافة النوعية التي يمكن أن تقدمها الشركات الأمريكية للاقتصاد السعودي.
هناك قضايا مهمة تحتاج إلى تجديد وتحديث الأطر في العلاقة بين البلدين إذ إن الاقتصاد مرتكز مهم للعلاقة بين البلدين والتحولات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، إضافة إلى "رؤية المملكة لعام 2030" تتطلب أن يكون هناك سعي إلى توثيق هذه العلاقة، إضافة إلى زيادة في مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتشجيع المستثمرين للدخول إلى السوق السعودي وتوضيح من قبل المسؤولين في السعودية عن طبيعة وشكل الأنظمة الجديدة التي تقدم فرصا جيدة للمستثمر الأجنبي، كما أن السعودية أصبح لديها خطط جديدة تتضمن على سبيل المثال سعيها إلى تصنيع 50 في المائة من احتياجها للسلاح محليا، علما بأن السعودية تعد إحدى الدول الأكثر إنفاقا على الدفاع وشراء السلاح، وكثير من تلك الاحتياجات التي يمكن تصنيعها محليا.
السعودية اليوم لديها خطط طموحة وهي تعبر عن تغير في سياساتها الاقتصادية ومن ذلك طرح "أرامكو" للاكتتاب العام، والإعلان عن الصندوق السيادي للسعودية الذي سيكون بإذن الله الأضخم عالميا بقيمة تقارب التريليوني دولار، وهذه الاستثمارات سيذهب جزء كبير منها للاستثمار في أصول بالولايات المتحدة الأمريكية والإعلان عن استثمار السعودية في شركة أوبر يوضح التوجه العام لشكل الصندوق الاستثماري وتوجهاته.
العالم اليوم يشهد مجموعة من المتغيرات الإقليمية التي تتطلب العمل والحراك لتحقيق أعلى المكاسب على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني وهنا تأتي أهمية البداية بالولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها حليفا استراتيجيا للسعودية ولحجم ما يمكن أن تضيفه للاقتصاد السعودي.
زيارة ولي ولي العهد شهدت توقيع اتفاقيات وإصدار رخص لشركات كبرى عالميا للاستثمار في السعودية وهذا الزخم الذي صاحب ذلك يقدم مؤشرات إيجابية للمستثمرين في العالم ومن ذلك حجم الفرص الكبيرة التي دفعت بشركات عالمية إلى المسارعة للحصول على تلك الرخص للاستثمار، والسرعة في الإنجاز الذي مكن تلك الشركات من الحصول على الرخص للاستثمار في فترة وجيزة، ومشاركة مجموعة من الوزراء ذوي العلاقة في هذه الزيارة سيكون لها أثر كبير في تسويق الفرص والتفاعل بصورة أكبر بين المستثمرين والجهات ذات العلاقة من كبار المسؤولين في السعودية، وكما أن في تلك اللقاءات نتائج إيجابية تتعلق بتوضيح "رؤية المملكة 2030" التي تتضمن مجموعة من المبادرات والخطط والأهداف التي تمثل فرصة لكثير من المستثمرين في العالم وتؤكد على قدرة المملكة على أن تكون كيانا اقتصاديا أكبر وأقوى دون الاعتماد على النفط، إضافة إلى عرض الإمكانات التي تتمتع بها السعودية سواء على مستوى موقعها الاستراتيجي أو الكفاءات البشرية، إضافة إلى حجم إنفاق السعودية على البنية التحتية التي قد تكون أحد أهم عوامل جذب الاستثمارات للسعودية.
فالخلاصة أن زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية تأتي لتؤكد عمق العلاقة وكيف يمكن لهذه العلاقة أن تتطور مع رؤية المملكة الاستراتيجية لعام 2030، إضافة إلى السعي لجذب الاستثمارات الأجنبية خصوصا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد الاقتصاد الأضخم عالميا، والشركات الأمريكية هي الأكثر توسعا واستثمارا حول العالم.