إحصائيات سعودية غير مرضية .. الأسباب والحلول
كشفت ورقة عمل بعنوان (بوابة الهلاك)، قدمتها الدكتورة أمل الجار، ضمن ندوة طبية بعنوان (بيدك القرار .. فأيهما تختارين)، نظمتها الجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات في منطقة مكة المكرمة، ضمن فعاليات الحملة الوطنية الثانية لمكافحة التدخين، تحت شعار (جدة بلا تدخين) لعام 1428، أن السعودية احتلت الترتيب الرابع من الدول المدخنة، بعد أن كانت تحتل الترتيب 23، مؤكدة في هذا الخصوص، أن عدد المدخنات من النساء في المنطقة الشرقية يصل إلى نحو 45 في المائة، وفي المنطقة الغربية يصل إلى نحو 26 في المائة، وأن 6 في المائة من هؤلاء المدخنات هن من الطبيبات والأمهات.
وأكدت الورقة المذكورة أن التدخين يعد سببا رئيسيا للإصابة بالعديد من الأمراض، التي لعل من بين أبرزها وأهمها مرض السرطان، إضافة إلى أن التدخين يتسبب في حدوث أضرار عديدة في الجهاز العصبي وظهور آثار العجز المبكر مثل تجاعيد الوجه والتعب النفسي والجسدي.
الطبيبة إيمان العايش في مستشفي الملك فهد العام في جدة، أوضحت في ورقة عمل لها بعنوان (تأثيرات التدخين الصحية)، قدمتها في الندوة المذكورة نفسها، أن للتدخين والشيشة والمعسل أثرا سلبيا عاما في الصحة، ابتداء بالأسنان واللسان والعيون والمسالك البولية وغيرها من أجهزة الجسم، وأن التدخين يعد السبب الرئيسي في حدوث أمراض السرطان التي تصيب أجهزة الجسم كافة ابتداء من الجهاز التنفسي إلى الهضمي والتناسلي وحتى الجلد والعظام.
أشارت إحصائية نشرت في جريدة "عكاز" في العدد 14938، أن السوق المحلية تستهلك نحو 15 مليار سيجارة سنويا، بقيمة تصل إلى نحو 633 مليون ريال سنويا، وأن عدد المدخنين في السعودية، وصل إلى أكثر من ستة ملايين مدخن من الجنسين معظمهم من الفئة العمرية ما بين 18 و25 سنة.
هناك إحصائية أخرى غير مرضية في بلادنا في مجال الحوادث المرورية، حيث قدر الأستاذ المساعد في كلية العلوم الإدارية في جامعة الملك فيصل الدكتور محمود عبد الرزاق، في محاضرة ألقاها في جامعة الملك فيصل في الأحساء بعنوان "الآثار الاقتصادية الكلية للحوادث المرورية"، التي ألقاها في كلية العلوم الإدارية في 18 نيسان (أبريل) 2007، ونشرت تفاصيلها في جريدة "الحياة" العدد 16085، أن تكلفة الحوادث المرورية، التي تقع في السعودية، تتجاوز مبلغ الـ 49 مليار ريال أو ما يعادل نحو 4.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكد في هذا الخصوص، أن هذا المعدل يعد من بين أعلى المعدلات على مستوى العالم، وأن المملكة تحتل الترتيب الأول من بين دول مجلس التعاون في إجمالي الحوادث المرورية، كما قد أكد أن نسبة الحوادث الجسيمة التي تقع في المملكة تساوي 10 في المائة من إجمالي الحوادث، التي تحدث في السعودية، تحتل منها منطقة مكة المكرمة الترتيب الأول من بين مناطق المملكة بعدد حوادث تجاوز الـ 86.854 حادثة، فيما تحتل المنطقة الشرقية المركز الثاني بأكثر من 62.032 حادثة، ومن ثم الرياض بعدد 48.124 حادثة.
الدكتور عبد الرازق حدد في محاضرته المذكورة، أسباب وقوع الحوادث المرورية في السعودية، التي أتت في مقدمتها السرعة المفرطة، ثم قطع الإشارة، فالدوران أو التوقف غير النظامي، بينما كانت آخر الأسباب المسكرات والمخدرات. وأضاف أن هناك أسبابا أخرى لحدوث الحوادث المرورية، مثال العوامل الجوية الطارئة والإبل السائبة. وأكد في هذا الخصوص، أن تصادم السيارات يمثل نسبة 80 في المائة من الحوادث، التصادم بجسم ثابت 2.7 في المائة، دهس المشاة والخروج عن الطريق نحو 2 في المائة لكل منهما، فيما يمثل انقلاب المركبات ما نسبته 2.7 في المائة، دهس الحيوانات فيمثل 0.2 في المائة، الحريق تمثل نسبة 0.14 في المائة، وأنواع أخرى تمثل 0.8 في المائة .
في رأيي أن مثل هذه الإحصائيات غير المرضية اقتصاديا ولا صحيا ولا اجتماعيا ولا حتى بيئياً في بلادنا وغيرها، مثال إحصائية العنوسة في بلادنا، التي أشارت إليها دراسة أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط، أكدت فيها أن أعداد الفتيات اللواتي في سن الزواج ولم يتزوجن في السعودية قد بلغت 1.529.418 فتاة، نتيجة للعديد من الأسباب، التي أتت في مقدمتها وعلى رأسها ارتفاع تكاليف الزواج، بحاجة إلي وقفة تأمل وتدبر واستنفار شعبي وحكومي للتعامل معها، بهدف التقليل من مضارها ومن مخاطرها وآثارها السلبية الاقتصادية والاجتماعية، حيث إن عدم التعامل معها بالشكل المطلوب وبالسرعة أيضاً المطلوبة سيلحق الضرر آجلاً أم عاجلاً بمكتسبات وبثروات وبمقدرات البلاد الحضارية والبشرية، ولا سيما حين النظر على سبيل المثال لا الحصر ما تتسبب فيه الحوادث المروية في كل عام من حصد أرواح ما يقارب أربعة آلاف شخص، تمثل منهم نسبة الشباب في سن الإنتاجية والعمل، النسبة العظمى، كما أن عدم التعامل مع مثل هذه الظواهر والعادات السيئة في بلادنا، سينعكس على البلاد بأضرار وكما أسلفت صحية وبيئة كبيرة، كعادة التدخين مثلا، التي تمارس وللآسف الشديد بشكل يومي وكبير من قبل الجنسين وبالذات من فئة الشباب والشابات.
في رأيي أيضاً أن التعامل مع هذه الظواهر والعادات السيئة في بلادنا، يتطلب تكاتف جميع جهات وأفراد المجتمع، وبالذات مؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية، بالذات فيما يتعلق بالتوعية بأضرارها الجسيمة وبعواقبها الوخيمة على الصحة والبدن والمال، وبهذا سنضمن أن يكون لدينا مجتمع سعودي معافى وسليم من الأمراض والعاهات الجسدية، قادر على العطاء والعمل والإنتاجية، بالشكل الذي يحقق لبلادنا العزة والمنعة والرفعة، بإذن الله تعالي، والله من وراء القصد.
مستشار اقتصادي وخبير مصرفي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية