سباق لاستقطاب العقول.. كيف غيّرت سياسات ترمب وجهة المواهب نحو دول جديدة؟
سباق لاستقطاب العقول.. كيف غيّرت سياسات ترمب وجهة المواهب نحو دول جديدة؟
لطالما شكّلت شركات وادي السيليكون و"وول ستريت" وجهتين أساسيتين لأفضل المواهب والكفاءات حول العالم، غير أنّ هذه الوجهة التقليدية باتت اليوم على المحك، إذ تُسارع الحكومات حول العالم إلى استقطاب العمال الأجانب المهرة الذين تضرروا بشدة من التغييرات السياسية الأخيرة للرئيس دونالد ترمب.
أعلن ترمب مؤخرا عن فرض رسوم جديدة بقيمة 100 ألف دولار على تأشيرات H-1B، التي اعتمدت عليها شركات التكنولوجيا والمال لعقود في توظيف خبراء أجانب رفيعي المستوى.
حسب مجلة بزنس إنسايدر جاء هذا القرار في إطار نهجه "أمريكا أولاً"، حيث يضغط البيت الأبيض على الشركات لتوظيف الأمريكيين أولاً، وهو ما أثار قلق عديد من الكفاءات الأجنبية الراغبة بالعمل في الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، أدت التخفيضات في تمويل الأبحاث الفدرالية إلى زعزعة ثقة العلماء داخل وخارج أمريكا، ما جعل عددا منهم يعيد النظر في الاستمرار بالعمل هناك. هذه الظروف خلقت فراغًا تسعى دول عدة إلى ملئه عبر مبادرات جذابة لاستقطاب العقول، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
كندا
في مؤتمر صحفي عُقد يوم السبت الماضي، صرّح رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بأن بلاده تُخطط لجذب المواهب التي كانت تعتمد سابقًا على تأشيرات H-1B في الولايات المتحدة.
كارني أكد أن قطاع التكنولوجيا سيكون المستفيد الأكبر من هذه الخطوة، مشيرًا إلى أنّ "الفرصة متاحة أمام كندا لتعويض ما فقدته الولايات المتحدة".
مرّت كندا والولايات المتحدة بعلاقة متوترة خلال ولاية ترمب الثانية، حيث تنافستا حول إصلاحات الهجرة، والرسوم الجمركية. قد يكون هذا التوتر في نهاية المطاف مفيدا لاقتصاد كندا، وربما أيضا لقوتها العاملة، وفقا لمجلة بزنس إنسايدر.
فرنسا
في أبريل، أعلنت الوكالة الوطنية الفرنسية للبحوث، التابعة لوزارة التعليم، عن مبادرة لجذب العلماء من الخارج بعنوان "اختر فرنسا للعلوم". تهدف المبادرة إلى توفير مزيد من التمويل الحكومي للجامعات والمدارس وهيئات البحث لجذب المواهب الأجنبية.
جاء هذا الإعلان بعد أن أعلنت إدارة ترامب عزمها إجراء تخفيضات كبيرة في التمويل الفيدرالي للبحوث في المعهد الوطني للصحة، بالإضافة إلى وكالات وجامعات أخرى.
المملكة المتحدة
بريطانيا بدورها دخلت السباق عبر مبادرة يقودها رئيس الوزراء كير ستارمر، تهدف إلى إلغاء رسوم التأشيرات عن الكفاءات العالمية، خصوصًا خريجي أعرق الجامعات أو الفائزين بجوائز مرموقة. وتدعم المبادرة حزمة تمويلية قدرها 54 مليون جنيه إسترليني، أي ما يزيد عن 72 مليون دولار أمريكي، ستغطي تكاليف الانتقال والبحث العلمي.
كوريا الجنوبية
في آسيا، أطلقت كوريا الجنوبية برنامج "K-Tech Pass" في أبريل، لاستقطاب قادة المشاريع في قطاعات أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.
البرنامج يوفر امتيازات ضخمة مثل تخفيض ضريبي 50% لعشر سنوات، وتسهيلات تعليمية لأبناء الخبراء، ومسار سريع للحصول على الإقامة الدائمة.
الصين
تطرح الصين، أكبر منافس لأمريكا في سباق الذكاء الاصطناعي، تأشيرات جديدة لجذب أفضل المواهب.
ستُطلق الصين تأشيرة K الجديدة في الأول من أكتوبر للمتخصصين الشباب في العلوم والتكنولوجيا، وفقًا لمجلس الدولة الصيني، المركز الإداري للبلاد.
وتُشير شركة KPMG الاستشارية إلى أن تأشيرة K تهدف إلى جذب خريجي الجامعات أو المؤسسات البحثية الحاصلين على درجة البكالوريوس أو أعلى في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
السياسات الأخيرة أعادت رسم خريطة المنافسة العالمية على المواهب. ففي حين تحاول واشنطن حماية سوق العمل المحلي، تبدو كندا وفرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية والصين أكثر استعدادًا لفتح الأبواب أمام الكفاءات العالمية، ما قد يغيّر موازين القوى الاقتصادية والتكنولوجية في العقد المقبل.