أزمة ندرة لا قلة مال .. حتى أصحاب الملايين في أمريكا يكابدون للحصول على سكن

أزمة ندرة لا قلة مال .. حتى أصحاب الملايين في أمريكا يكابدون للحصول على سكن

في محاولة للعثور على منزل فاخر للإيجار في سان فرانسيسكو لأحد عملائه المليارديرات، واجه وكيل العقارات ألكسندر لوري مشكلة غير متوقعة، وهي نقص المعروض، لا ارتفاع التكلفة!

عميل لوري الثري، الذي يملك شركة كبرى أسسها بنفسه، كان يبحث عن منزل من 5 أو 6 غرف نوم للإقامة المؤقتة أثناء تجديد منزله، وكان مستعدا لدفع أي مبلغ.

لكن لوري يقول إن المدينة الأمريكية الشهيرة "تعاني نقصا في القصور المعروضة للبيع، ونقصا أكبر في المعروضة للإيجار"، وفقا لما نقله موقع "ماركت ووتش". وعندما يتوفر منزل فاخر بمواصفات ممتازة، "يُنتزع بسرعة" بسبب المنافسة المحتدمة.

وبالرغم من أنها مدينة صغيرة نسبيا، تضم سان فرانسيسكو عددا كبيرا من الأثرياء، ما يزيد الطلب.

بلغ عدد المليارديرات في أنحاء العالم 2769 مليارديرا لعام 2024، بزيادة على 2565 مليارديرا في 2023، وفقًا لمنظمة "أوكسفام".

بحسب لوري، فإن المنازل التي تزيد مساحتها على 6 آلاف قدم مربعة نادرة، ولا توجد إلا في أحياء راقية.

أحد هذه المنازل يضم 5 غرف نوم ويبلغ إيجاره الشهري 30 ألف دولار، هذا المنزل "خُطف خلال 48 ساعة بعد تلقي عدة عروض" وفاز به عميل لوري، كما يقول الوسيط العقاري.

أغنياء أمريكا يعانون أيضا أزمة السكن

الأزمة لا تقتصر على سان فرانسيسكو فقط، فوسط مدينة نيويورك يشهد كذلك نقصا في المعروض من الإيجارات الفاخرة، بحسب خبيري العقارات جيسون شوشمان وجاك فوسارد، المقيمين في نيويورك.

يبحث العملاء الأثرياء في المدينة الأمريكية عن ميزات، مثل مواقف السيارات الخاصة، والإطلالات الخلابة، والخدمات الفندقية. لكن هؤلاء الأثرياء يريدون في الوقت ذاته دفع أسعار "عادلة".

يمكن القول إذن إن أزمة السكن وصلت إلى الفئة الأكثر ثراء، التي تشكل 1% من السكان، فكما يجد المشترون العاديون صعوبة في شراء المنازل، بسبب الأسعار المرتفعة ونقص المعروض، يواجه الأثرياء نقصا في الخيارات المناسبة للإيجار، وإن كان السبب لا يتعلق بالمال، بل بقلة المعروض عالي الجودة.

يشهد الطلب على المساكن المخصصة للإيجار بين الأثرياء ارتفاعا ملحوظا. وبين عامي 2019 و2023، ارتفع عدد الأسر التي يصل دخلها السنوي إلى مليون دولار أو أكثر وتختار استئجار منزل بنسبة 204%، وفقًا لتحليل أجرته منصة "رينت كافيه".

أكثر المدن التي تضم مستأجرين من أصحاب الملايين في هذه الفترة هي نيويورك، وسان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، وسان خوسيه، وبوسطن.

زيادة الطلب تطغى على نمو المعروض

وفي حين يتزايد الطلب، لا يواكب نمو المعروض المخصص للإيجار هذه الزيادة، لأسباب منها توفر منازل فاخرة للبيع أكثر من المتوفرة للإيجار، وفقًا لما ذكره جوناثان ميلر، مؤلف تقرير "إليمان" العقاري الدوري والرئيس والمدير التنفيذي لشركة "ميلر صموئيل" لتقييم العقارات.

في ميامي، أصبح من الصعب العثور على منازل بإضافات تجذب المليارديرات، مثل الساونا وغرف البخار. ويفضّل الأثرياء توفر مطاعم داخلية وخدمات سبا في المباني السكنية، بحسب مندل فيليج، الوكيل العقاري في شركة "كومباس" في ميامي، الذي ذكر أن المعروض من منازل العائلات انخفض 50% مقارنة مع ما قبل الجائحة بسبب الهجرة إلى ميامي.

في "باينكريست"، إحدى أغلى مدن فلوريدا، جرى تأجير منزل بسعر 60 ألف دولار شهريا، وهو من أعلى الأسعار المُسجّلة في المنطقة.

لماذا يُقبل أثرياء أمريكا على الإيجار؟

يوضح الوكلاء أن أسباب إقبال الأثرياء في الولايات المتحدة على استئجار المنازل متنوعة، ومن بينها عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأمريكي، وغياب الرغبة في الاستقرار في مدينة معينة، أو التردد في دفع ضرائب ملكية المنازل، أو لتفضيلهم مرونة الاستئجار نظرا لشيوع العمل عن بُعد، أو لحاجتهم إلى سكن مؤقت، وفقا لتقرير "رينت كافيه".

أمّا سبب نقص المعروض، فيختلف من مدينة لأخرى، فنحو 70% من الشقق في نيويورك تقع داخل ما يُعرف بـ"المباني التعاونية"، وهي مبان لا يُباع فيها العقار مباشرة، بل يُمنح الساكن أسهما في الشركة المالكة للمبنى، وتسمح له بالإقامة في وحدة معينة.

في سان فرانسيسكو، تتمثل المشكلة في ندرة الأراضي المتاحة للبناء.

وتتمم معظم صفقات الإيجار الفاخر عادة من وراء الستار، بحسب لوري، الذي يقول إن عديدا من العقارات الفاخرة التي عمل على تأجيرها لم تُعرض علنا.

في نيويورك، عندما يرغب عميل ثري بالسكن في مبنى ما، يتصل السماسرة ببعضهم للبحث عن مالك مستعد لتأجير شقته، حتى لو كانت معروضة للبيع.

الأكثر قراءة