بريطانيا تراهن على فتح شهية المستثمرين الخليجيين لمشاريعها في البنية التحتية
في الآونة الأخيرة، كشفت الحكومة البريطانية، عن إستراتيجية طموحة بقيمة 725 مليار جنيه إسترليني (نحو 995 مليار دولار ) على مدى 10 سنوات لتطوير وتوسيع بنيتها التحتية.
تهدف الخطة البريطانية إلى تحديث شبكات النقل والطاقة والإسكان والبنية الرقمية في أنحاء المملكة المتحدة، واستعادة ثقة المستثمرين بعد سنوات من التقشف، مع فتح مزيد من الفرص أمام رأس المال الخاص دعما للإنفاق العام.
الطموح البريطاني لا يقتصر في إطار هذه الخطة على الاستفادة من الموارد المحلية فحسب، بل يشمل أيضا جذب رؤوس الأموال الدولية، لا سيما رؤوس من منطقة الخليج، بوصفها قاطرة الاستثمار في العالم.
هذا المشهد، الذي تتلاقى فيه الاحتياجات البريطانية مع القدرات الاستثمارية الفريدة لصناديق الثروة السيادية الخليجية الراغبة في تنويع محافظها، يوجد فرصا جذابة ومربحة للطرفين، مع توفر الضمانات اللازمة وترتيب الألويات، بحسب آراء خبراء تحدثوا لـ "الاقتصادية".
توافق الرؤى بين الخليج وبريطانيا يعزز الاستثمار
توجه المملكة المتحدة صوب الاستثمارات الخليجية يبرز إدراك لندن لأهمية السيولة الضخمة التي تتمتع بها الصناديق الخليجية، التي تشير تقديرات إلى أنها تتجاوز 4 تريليونات دولار.
كذلك، يظهر هذا التوجه إيمان صانع القرار البريطاني بوجود إستراتيجيات خليجية تنسجم مع الخطط البريطانية لتطوير البنية التحتية في البلاد.
تركز الرؤية الاستثمارية الخليجية في السنوات الأخيرة على المشروعات الطويلة الأجل، التي تكون مصحوبة بضمانات حكومية، وهي رؤية تتوافق مع إستراتيجية لندن الراهنة، بحسب خبير الاستثمار ويليام بوتس.
وقال لـ "الاقتصادية": "تراهن بريطانيا على أن مشاريع البنية التحتية ستزيد شهية المستثمرين الخليجيين عبر حماية عوائدهم من التضخم، إضافة إلى منحهم ضمانات حكومية خاصة وأطرا تنظيمية متينة تمنح رؤوس الأموال الخليجية ملاذا آمنا بعيدا عن تقلبات الأسواق العالمية".
خبرات دول الخليج تؤهلها للتأدية دور محوري
يرى خبراء في المقابل أن هناك ضرورة لترتيب الأولويات بشكل مشترك بين الجانبين، من أجل تحديد القطاعات المستهدفة للاستثمار الخليجي، وعلى نحو يحقق مصالح متوازنة.
وبينما يدعم المستثمرون الخليجيون قطاعات يمتلكون خبرة نسبية فيها، تضمن لهم عائدا استثماريا مرتفعا، يركز الجانب البريطاني استثماراته في قطاعات يمكنها تعظيم الاستفادة من موارده المالية المحلية المحدودة.
لذلك، ترى الدكتورة إيمي باور، أستاذة الاقتصاد الدولي، أن الخبرات الخليجية في قطاع الطاقة تؤهلها لتأدية دور محوري في إستراتيجية المملكة المتحدة، عبر دعم مشروعات تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وخفض تكاليف الإنتاج والاستهلاك، والإسهام في جهود الحد من الانبعاثات.
وقالت لـ "الاقتصادية": "شهدنا خلال السنوات الماضية اهتماما خليجيا بإحياء مناطق في شمال إنجلترا؛ ويمكن توسيع التعاون لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة ومناطق حرة تقدم حوافز ضريبية جذابة لرؤوس الأموال الخليجية".
الضمانات تحقق شراكة متوازنة بين دول الخليج وبريطانيا
الرغبة البريطانية في جذب رؤوس الأموال الخليجية الخاصة أو السيادية للاستثمار في إستراتيجية تطوير وتوسعة البنية التحتية لا بد أن يرافقها مزيد من الضمانات والامتيازات للمستثمرين الخليجيين، من أجل إرساء دعائم شراكة متوازنة بين الجانبين.
فالعلاقة المثلى بين لندن ودول الخليج لا يجب أن تقتصر على تدفق رؤوس الأموال من الشرق إلى الغرب، بل ينبغي أن تنفتح الأسواق البريطانية أمام الاستثمارات الخليجية في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة.
تشمل هذه المجالات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية، والعلاجات الجينية، وغيرها.
ينبغي أن ينطوي هذا التعاون كذلك على نقل للخبرات البريطانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، بوصفها شريكا ومنتجا رئيسا، بما يحقق قيمة مضافة لهذا التعاون وفوائد متبادلة للطرفين في قطاعات متعددة ويعزز المهارات التقنية في المنطقة.