"عصر ذهبي" للشراكة السعودية الأمريكية باتفاقات تاريخية قيمتها 300 مليار دولار
أرست زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى السعودية أسس "عصر ذهبي جديد" للشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث وقعتا 145 اتفاقية وصلت قيمتها إلى 300 مليار دولار وشملت قطاعات مختلفة، وفقا لما أُعلن خلال المنتدى السعودي الأمريكي للاستثمار اليوم الثلاثاء، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
أكد ولي العهد أن الاتفاقات مع الولايات المتحدة ستدعم فرص توطين الصناعات، معبرا عن أمله في فرص شراكة مع الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار.
ستبحث السعودية زيادة الشراكة مع الولايات المتحدة إلى تريليون دولار في المرحلة الثانية، وفقا لما أعلنه الأمير محمد بن سلمان، قائلا إن "ما وقعناه اليوم هو جزء من طموح أكبر".
وبينما ستكون الولايات المتحدة وجهة رئيسية لصندوق الاستثمارات العامة، فقد ذكر ولي العهد أن هناك أكثر من 1300 شركة أمريكية عاملة ومستثمرة في السعودية، التي تعد "أكبر شريك اقتصادي للولايات المتحدة" وقال إن الشركات الأمريكية تمثل ما يقارب ربع حجم الاستثمار الأجنبي في السعودية.
أكد ولي العهد أن العمل المشترك مع الولايات المتحدة لا يقتصر على الاقتصاد "بل أيضا على السلام والأمن في العالم".
ترمب يسعى لتعزيز الشراكة مع السعودية
في كلمة تجاوزت الساعة خلال المشاركة في أعمال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، وصف ترمب الأمير محمد بن سلمان بأنه "رجل عظيم لا مثيل له" قائلا "إنه لشرف عظيم أن يتم الترحيب بي في السعودية بهذه الطريقة".
تعهد الرئيس الأمريكي بتعزيز الشراكة مع السعودية واتخاذ خطوات لتحقيق هذا الهدف، قائلا "زيارتنا للسعودية تاريخية وسنجعل علاقتنا أقوى. لن أنسى أبدا الضيافة الاستثنائية التي أكرمني بها الملك سلمان قبل 8 سنوات. علاقاتنا اليوم مع السعودية أقوى من أي وقت مضى وستظل هكذا في المستقبل".
وقال ترمب: "هناك تحول كبير ورائع في المنطقة بقيادة الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان, أنتم من أكثر الأمم ازدهارا في العالم. الأمير محمد بن سلمان يعمل بجد ولا اعتقد أنه ينام الليل."
أضاف: "أهل هذه المنطقة هم من طوروها. ولادة الشرق الأوسط الحديث جاءت من أبناء المنطقة. هذه المنطقة ستتطور بفضل أبنائها".
ووصف ما يحدث في المنطقة بأنه "معجزة حديثة على الطريقة العربية".
اتفاقية الدفاع بين السعودية وأمريكا الأكبر في التاريخ
وقعت الولايات المتحدة والسعودية اتفاقية دفاع بقيمة تصل إلى 142 مليار دولار، وصفها البيت الأبيض بأنها أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ، حيث تشمل تزويد أكثر من 12 شركة عسكرية أمريكية السعودية بأحدث الأسلحة.
وأكد البيت الأبيض التزام الولايات المتحدة بتعزيز الشراكة الدفاعية والأمنية مع السعودية، مشيرا إلى أن الاتفاقيات الدفاعية تشمل تدريبا ودعما مكثفين لتعزيز قدرات الجيش السعودي.
وبينما بلغ حجم تعهدات الاستثمار السعودية 600 مليار دولار، وفقا لما أعلنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عقب تنصيب ترمب مطلع هذا العام، فقد تعهدت شركات أمريكية في المقابل باستثمارات بالمليارات في السوق السعودية، تشمل قطاعات تكنولوجية مهمة، بحسب بيان البيت الأبيض.
السعودية تحصل على أحدث المعدات من أمريكا
من المنتظر أن يوفر الاتفاق الدفاعي الضخم مع الولايات المتحدة أحدث المعدات والتقنيات والخدمات الأمريكية في هذا القطاع من أكثر من 12 شركة أمريكية.
تنقسم المبيعات التي يشملها الاتفاق الدفاعي التاريخي 5 فئات، تشمل تطوير القوات الجوية والقدرات الفضائية، والدفاع الجوي والصاروخي، والأمن البحري والساحلي، وتحديث أمن الحدود والقوات البرية وأنظمة المعلومات والاتصالات.
تتضمن الحزمة التي يكفلها الاتفاق التدريب والدعم المكثف لبناء قدرات القوات المسلحة السعودية، بما في ذلك تعزيز أكاديميات الخدمة السعودية والخدمات الطبية العسكرية.
تمثل هذه الصفقة استثمارا كبيرا في الدفاع والأمن الإقليمي السعودي، يقوم على الأنظمة والتدريبات الأمريكية، بحسب وصف البيت الأبيض.
استثمارات أمريكية سعودية في التكنولوجيا
بينما تعهدت شركات "جوجل" و"أوركل" و"سيلز فورس" و"داتا فولت" و"أوبر" باستثمار 80 مليار دولار في أحدث التقنيات في البلدين، ستمضي فيه "داتا فولت" قدما في استثمار 20 مليار دولار في مراكز الذكاء الاصطناعي في السعودية.
قال البيت الأبيض إن شركات أمريكية "بارزة" مثل "هيل الدولية" و"جاكوبس" و"بارسونز" و"إيكوم" تعمل على بناء مشاريع البنية التحتية الرئيسية، مثل مطار الملك سلمان الدولي وحديقة الملك سلمان ومدينة القدية، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية ملياري دولار من صادرات الخدمات الأمريكية.
تشمل الصادرات الرئيسية الأخرى توربينات الغاز وحلول الطاقة من شركة "جنرال إلكتريك فيرنوفا" بقيمة 14.2 مليار دولار وطائرات "بوينج 737-8" للركاب لشركة "آفي ليس" بقيمة 4.8 مليار دولار.
في قطاع الرعاية الصحية، ستضخ شركة "Shamekh IV Solutions" استثمارات بقيمة 5.8 مليار دولار، بما في ذلك مصنع في "ميشيجان" لإطلاق منشأة للسوائل.
شركات استثمارية بين السعودية وأمريكا
تشمل الشراكات الاستثمارية عديدا من الصناديق الاستثمارية الخاصة في قطاعات محددة، مع تركيز قوي على الانتشار في الولايات المتحدة. يشمل ذلك صندوق الاستثمار في الطاقة "Energy Investment Fund" بقيمة 5 مليارات دولار، وصندوق "نيو إيرا لتكنولوجيا الفضاء والدفاع" بقيمة مماثلة، إضافة إلى صندوق "إنفيلد سبورتس" العالمي للرياضة بقيمة 4 مليارات دولار.
وصف البيت الأبيض الاتفاقات بين السعودية والولايات المتحدة بانها "أكبر مجموعة من الاتفاقيات التجارية المسجلة بين البلدين"، مؤكدا أنها تفتح فرصا جديدة من خلال تحالفات أعمق.
تعد السعودية من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في المنطقة، حيث بلغ حجم التجارة البينية بين البلدين العام الماضي ما مجموعه 32 مليار دولار.
وصدرت السعودية إلى الولايات المتحدة سلعا ومنتجات بقيمة 13 مليار دولار، فيما استوردت منها سلعا ومنتجات بقيمة 19 مليار دولار. وبلغ حجم الاستثمارات الأمريكية المباشرة في السعودية العام الماضي 15.3 مليار دولار.
وبينما ترتكز الاستثمارات السعودية على قرارات إستراتيجية، تأخذ في الاعتبار رؤية 2030 وتضع مصالح البلاد في الصدارة، فإنها تنظر إلى ما يتمتع به الاقتصاد الأمريكي من مناخ استثماري جاذب، سواء فيما يتعلق بالمُشتريات الحكومية والخاصة في القطاعات العسكرية والنقل والطاقة والتقنيات المتقدمة.
وقعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية ووزارة الطاقة الأمريكية مذكرة تعاون للتعاون في مجال التعدين والموارد المعدنية، بما يسهم في التنمية الاقتصادية وتنويع سلاسل إمدادات المعادن المهمة ومرونتها.
تعاون سعودي أمريكي في قطاع الفضاء
وقعت وكالة الفضاء السعودية اتفاقية مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لتحليق قمر اصطناعي على متن رحلة "أرتميس الثاني" التجريبية التابعة للوكالة الأمريكية.
سيقوم القمر الاصطناعي السعودي "كيوبسات" بقياس جوانب الطقس الفضائي على مسافات مختلفة من الأرض.
اتفق البلدان أيضا على تحديث اتفاقية النقل الجوي للسماح لشركات الطيران الأمريكية بنقل البضائع بين السعودية ودول ثالثة دون الحاجة إلى التوقف في الولايات المتحدة. وستتمتع شركات الطيران السعودية بالحقوق نفسها.
أكد البلدان أيضا التزامهما بتعميق الشراكات الثقافية والتعليمية والعلمية من خلال توقيع اتفاقيات بين متحف "معهد سميثسونيان الوطني للفنون الآسيوية" التابع لمؤسسة سميثسونيان والهيئة الملكية لمحافظة العلا.