الفضة .. أخت غير شقيقة
قبل أسبوعين كتبت عن الذهب تحت عنوان "هل الذهب في نهاية المشوار؟"، منذ ذلك الوقت وسعر الذهب يراوح مكانه بأعلى قليلا من 3300 للأونصة بعد أن تخطى 3400، ولكن برزت فكرة أن من فاته صعود الذهب لا تفوته الفضة. في هذا العمود أراجع الفكرة والعلاقة بين الذهب والفضة تاريخيا.
تاريخيا الفضة تعتبر أخت غير شقيقة للذهب- غير شقيقة لأن كليهما يتصف بما يعرف عن الذهب كحماية أثناء الأزمات، واقتصاديا يجاري التضخم ولكن في المدى البعيد فقط وكليهما لا يدر دخلا، لكن العلاقة بينهما تتأرجح كثيرا من ناحية واللجوء إلى الفضة عادة يأتي بعد أن يرتفع سعر الذهب لذلك تعد تابعة لكن بعد فترة، إلا في ظروف معينة تعود لتوظيف الفضة صناعيا.
فالفضة أكثر حساسية اقتصاديا لأنها تستعمل في صناعة الأطباق الشمسية وكثير من الإلكترونيات لخصائص محددة في توصيل الكهرباء والمرونة. لا تعتبر الفضة الخيار الأول استثماريا ومضاربيا لذلك اعتبرها الأخت غير الشقيقة بسبب ضعف العلاقة نسبيا.
العلاقة التاريخية بين الذهب والفضة دائما ممتعة، فالذهب كان نادرا ويوظف للصفقات المهمة بينما الفضة أكثر شيوعا، فمثلا في فترة المصريين القدامى كانت العلاقة بالوزن 2 ونصف للذهب مقابل واحد للفضة لترتفع في عهد أوقستس الروماني إلى 12 لواحد. بعد اكشافات ضخمة في أمريكا الجنوبية في القرن السادس عشر تراجعت العلاقة إلى بين 20 و15 لواحد في أوروبا. في الفترة الأقرب، في السبعينات العلاقة كانت أقرب إلى 15 لواحد، ثم تغيرت في التسعينيات لتصل 100 لواحد. العلاقة اليوم (9 مايو) قريبة من 101 لواحد. لذلك تاريخيا تغيرت العلاقة جذريا لصالح الذهب بالرغم من تنامي دور الفضة في الصناعة.
لن أعيد تاريخ العلاقة بين الفضة والتضخم والتذبذب هنا لأنه يماثل علاقة الذهب في العمود السابق بعد فجوة زمنية، ولكن دعنا نراجع العلاقة المالية. منذ بداية هذا العقد، فمثلا سجل الذهب عائد 113% مقارنة بمؤشر الأسهم ( S&P500) عند 78% بما في ذلك الأرباح الموزعة.
سجلت الفضة ارتفاعا بـ21% حتى الآن في هذا العام (أقل من الذهب) لكن أعلى من مؤشر الأسهم عند نحو 7%. منذ عام سجلت الفضة ارتفاعا بنحو 80% مقابل 44% لأن الذهب قاد الارتفاع قبل ذلك. استمعت لمقابلة مع جميس روجرز أحد أبرز المستثمرين حيث ذكر أن الفضة مناسبة الآن (قبل شهر تقريبا) للشراء ولكنها سجلت انخفاضا بسبب الانفراج في المباحثات التجارية والخوف من ركود اقتصادي قد يضر بسعر الفضة بسبب علاقتها المباشرة بالصناعة، وبالتالي أعلى حساسية اقتصاديا. أخيرا تزايد الحديث عن خفض الفائدة.
سيفيد أصول أخرى كالأسهم عادة على حساب الذهب والفضة. عمليا إذا اختارت هذا الوسط الأفضل الركون للذهب أكثر من الفضة لأن تذبذب الفضة مقابل الذهب عامل آخر لعدم اليقين. التنبؤ بأسعار المعادن دائما محفوف بالمخاطر ولذلك لن أقدم تنبؤا.
أظن الفضة وإلى حد أقل الذهب ليس أفضل وسط استثماري ولكن هناك من يستطيع التوقيت للمتاجرة وقراءة الأزمات للتحوط لكن هذا يعتمد بدوره على شدة الأزمات وفرز الاقتصادي من الجيوسياسي من ناحية والتفريق بين المستثمر من ناحية والمضارب والمتاجر من ناحية أخرى.