العقارات الشاغرة وتنمية المدن
هناك مساحات صامتة وعقارات شاغرة في قلب كل مدينة، تشهد على ما مضى وما لم يكتمل بناؤه، أو تعثرت الاستفادة منها استثماريا وعمرانيا رغم اكتمالها لأسباب أخرى مثل توزيع التركات أو مشكلات قانونية أو لأسباب خاصة بمالك العقار أحيانا.
تلك المساحات وسط المدن، وإن بدت خامدة وجامدة ومعطلة، تحمل في طياتها إمكانات هائلة لإعادة بعث المدن بحيوية أكبر، وحل إشكاليات المعروض في بعض العقارات. ومع صدور التعديلات الأخيرة على نظام رسوم الأراضي البيضاء لتشمل العقارات الشاغرة، تتجه السعودية إلى مرحلة تنموية أكثر عمقًا وذكاءً، تسعى فيها إلى تحويل تلك الأصول المعطلة إلى روافع حضرية واقتصادية، تنعكس إيجابيًا على حياة السكان ومشهد المدن بأكمله وتعيد التوازن للسوق العقارية.
هذه التعديلات خطوة محورية، لأنها تعالج التحديات الكبرى التي واجهتها السوق العقارية خلال السنوات الماضية، فالعقارات الشاغرة، التي ظلت لسنوات خارج معادلة التنمية، باتت اليوم جزءًا من خطة إستراتيجية هدفها إعادة ضبط التوازن بين العرض والطلب، وتفعيل الموارد العقارية لتخدم أغراض التنمية المستدامة، ويكمن جوهر هذه الخطوة في تحفيز الملاك والمستثمرين على التفكير بأسلوب جديد يركّز على الجدوى الاقتصادية، ومعادلة الاستثمار، والالتزام المجتمعي، والمساهمة الفاعلة في صياغة مستقبل المدن.
تُعد موافقة مجلس الوزراء على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء خطوة مهمة لدعم تحفيز التطوير العقاري، وزيادة المعروض السكني، ومكافحة الممارسات الاحتكارية، بما يسهم في تحقيق التوازن في السوق العقارية، ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي غير النفطي، إذ يسهم هذا التوسع في نطاق النظام ليعزز العدالة السوقية، ويفسح المجال أمام دخول مطورين جدد، بما يثري التنافسية ويرفع كفاءة السوق.
في المستقبل القريب؛ كل عقار شاغر سيستثمر ليتحول إلى خلية حياة تنتج قيمة اقتصادية واجتماعية وجمالية، وتدعم مستهدفات رؤية السعودية 2030 في بناء مدن أكثر استدامة، وأكبر قدرة على استيعاب النمو السكاني والاقتصادي.
إن تبعات هذه الموافقة تشمل تحريك سلاسل التوريد المرتبطة بقطاع البناء، وخلق طلب إضافي على الخدمات العقارية، والتطوير العقاري، وبناء ضواحي جديدة، ورفع جاذبية الاستثمار المحلي والأجنبي.
تتلخص آثار هذه التعديلات في التحولات الاجتماعية التي سينتج عنها تحول للعقارات الشاغرة إلى مشاريع حقيقية، تُعيد تشكيل حياة الأحياء، وتدعم جودة الحياة في المدن.
وبتطبيق وزارة البلديات والإسكان نظام تعديل رسوم الأراضي البيضاء، تكتب السعودية فصلًا جديدًا من فصول الإبداع الحضري، حيث إن مدنها ستصبح مناطق للسكن وأكثر جاذبية لمواقع العمل والتوظيف ومساحات نابضة بالتجدد، وتتحول فيها كل فرصة عقارية معطلة إلى إنجاز ملموس.