التكنولوجيا وإسهامها في مكافحة الفساد
الفساد هو استنزاف للتنمية، حيث يؤثر في الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً بصورة أكثر من غيرهم، ما يزيد من التكاليف ويقلل من فرص الحصول على الخدمات الأساسية. والبنك الدولي يحارب الفساد منذ نحو 3 عقود. ومنذ خطاب رئيس البنك الدولي الراحل "جيمس وولفنسون" في 1996 بعنوان "سرطان الفساد"، قام البنك بقيادة عديد من المبادرات لمكافحة الفساد وتقوية المؤسسات. ونحن نستخدم حلول التكنولوجيا الحكومية أو الابتكارات الرقمية لتعزيز الشفافية والمساءلة. ويرجع هذا التركيز إلى طلب البلدان المتعاملة مع البنك الدولي على الكفاءة، والحاجة إلى حماية الاستثمارات المرتبطة بالمناخ، والتي من المتوقع أن تصل إلى 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2030، وتكثيف جهود استرداد الأموال، وزيادة مطالب الجمهور بالمساءلة.
التكنولوجيا الحكومية بوصفها محفزاً للإصلاح المنهجي
تُعد التكنولوجيا الحكومية نهجاً ذا أثر تحويلي لمعالجة نقاط الضعف التي تغذي مسببات الفساد في المؤسسات. ومن خلال دمج الحلول الرقمية مع إصلاحات الحوكمة الأوسع نطاقاً، يمكن للتكنولوجيا الحكومية تفكيك الفساد المنهجي عند تصميمها بما يتناسب مع السياقات المحلية وتطبيقها في إطار منظومة داعمة. وتؤدي الحلول الرقمية إلى تحسين تقديم الخدمات العامة من خلال توسيع نطاق تغطيتها وتوفير إمكانية الحصول عليها وكفاءة استخدامها. وللتكنولوجيا الحكومية أيضاً أثرها في الحد من مخاطر الفساد. فعلى سبيل المثال، تقلل رقمنة إجراءات التصاريح والتراخيص وإصدارها من خلال البوابات الإلكترونية الحكومية من فرص الرشوة والمحسوبية.
كيف تسهم التكنولوجيا الحكومية في مكافحة الفساد
فيما يلي نظرة عامة على الكيفية التي تستهدف بها حلول رقمية محددة مسببات الفساد المختلفة. ويمكن الاطلاع على الجدول التفصيلي هنا.
الأثر الملموس على أرض الواقع: دراسات الحالة التحليلية
حققت حلول التكنولوجيا الحكومية نتائج قابلة للقياس في مناطق مختلفة، ونورد أدناه بعض الأمثلة:
• أدت رقمنة الإجراءات التنظيمية في مولدوفا إلى الحد من فرص الرشوة.
• في باكستان، أدى نظام الامتحانات عبر الإنترنت إلى القضاء على الوسطاء في اعتماد المعلمين.
• أدت مبادرة التحويلات المباشرة للمنافع في الهند إلى ضمان صرف مبالغ الدفعات مباشرة للمزارعين.
• في الفلبين، أدت نظم حفظ السجلات الإلكترونية وتحديد الهوية الرقمية إلى تحسين عمليات التحقق وضمان وصول المساعدات إلى المستفيدين المستهدفين.
منظومة التكنولوجيا الحكومية لمكافحة الفساد
نرى أن العناصر الأساسية الأربعة التالية يجب أن تكون في مكانها الصحيح حتى تتحقق فاعلية التكنولوجيا الحكومية.
•البنية التحتية التكنولوجية: انتظام خدمات الإنترنت والكهرباء ضرورة لا غنى عنها.
•الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية: يجب أن يكون المسؤولون والمواطنون مؤهلين لاستخدام الأنظمة الرقمية بفاعلية.
•الأطر القانونية: تحتاج المعاملات والإجراءات الرقمية إلى الإقرار القانوني لضمان الامتثال والشرعية.
•الثقافة المؤسسية: يجب على الحكومات تبني معايير الشفافية والمساءلة.
لا يخلو تطبيق التكنولوجيا الحكومية من المخاطر. فالمخاوف المرتبطة بالخصوصية والإقصاء الرقمي للفئات المهمشة من السكان والاعتماد على مزودي التكنولوجيا الخارجيين تشكل تحديات كبيرة. ويسعى البنك الدولي إلى التخفيف من هذه المخاطر عن طريق ضمان أن تكون الحلول شاملة للجميع ومراعية للسياقات المحلية ومتكاملة مع إصلاحات الحوكمة الأوسع نطاقاً.
دعوة للتحرك: استخدام التكنولوجيا الرقمية في تشكيل ملامح مستقبل مكافحة الفساد
لمكافحة الفساد بفاعلية، يجب تطبيق التكنولوجيا الحكومية ضمن منظومة شاملة للإصلاح. كما يجب تصميم الحلول بما يتناسب مع الظروف المحلية، وتكاملها مع الإصلاحات المؤسسية، وتصميمها بشكل شامل لخدمة جميع المواطنين.
وفي المنتدى العالمي القادم للشراكات من أجل مكافحة الفساد الذي عقد أخيرا ، سنتعمق في هذه المواضيع، ونستكشف النُهُج القائمة على منظومات مكافحة الفساد. ونوجه الدعوة لواضعي السياسات والمانحين وخبراء التكنولوجيا والمواطنين للانضمام إلى هذا الحوار بالغ الأهمية.