سفير ألمانيا لـ"الاقتصادية":السعودية جاذبة للأبطال الخفيين باستثمارات طويلة الأجل
في عالم تتشابك فيه التحديات مع قضايا حاسمة كتغير المناخ وتعزيز التجارة والحاجة الملحة لتسريع التحول نحو الطاقة المستدامة، أعرب السفير الألماني لدى السعودية، ميشائيل كيندسغراب، عن قدرة شركات بلاده جنبا إلى جنب الشركاء السعوديين، لتحويل هذه التحديات إلى فرص.
وقال كيندسغراب في حوار مع "الاقتصادية": إن الرياض تعد ثاني أكبر شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي، مشيرا إلى امتداد التعاون إلى قطاعات حيوية، كالطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا، ودعم مشاريع رؤية 2030 بما في ذلك نيوم، وحديقة الملك سلمان، ومترو الرياض.
وهناك عدة طرق فعالة لتعزيز التعاون التجاري، بينها مكتب الاتصال الألماني السعودي للشؤون الاقتصادية، الذي يؤدي دورا هاما في تهيئة الظروف من أجل تعزيز التجارة، وتقديم التوجيه والدعم للشركات الألمانية لاغتنام الفرص في السعودية.
وأشار إلى أن العمل جار مع السعودية على بناء أحد أكبر مصانع الهيدروجين في العالم في نيوم، فضلا عن تمكين الاستثمارات في إزالة الكربون من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وتقنيات مبتكرة في إدارة النفايات، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو بناء سلاسل إمداد طاقة مرنة ومنخفضة الكربون تواكب المستقبل.
وفيما يتعلق باستثمارات الشركات، أوضح أن السعودية تشهد زيادة في عدد الشركات التي تقوم بإقامة منشآت للإنتاج محلي، بما "الأبطال الخفيين" - الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للعائلات التي تقوم بالاستثمار وتلتزم بالنمو الطويل الأجل في المنطقة.
وتطرق السفير الألماني إلى الموقع الإستراتيجي للسعودية الذي دفعها لأن تصبح مركزا لوجستيا وفرصة هامة للشركات الألمانية في مجالات الخدمات اللوجستية والشحن وإدارة سلاسل التوريد، إلى جانب أبرز فرص تعزيز التعاون، مع توقعات بمزيد من الصفقات والاستثمارات في المستقبل القريب .. إلى تفاصيل الحوار:
*كيف تقيم العلاقات الاقتصادية الحالية بين السعودية وألمانيا؟
ـ العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا إيجابية للغاية، وتتميز بتعاون قوي ونمو مستمر في عديد من القطاعات، لقد وسّعت الدولتان بشكل كبير شراكاتهما التجارية والاستثمارية، حيث تؤدي ألمانيا دورا محوريا في مجالات مثل التكنولوجيا والهندسة والطاقة والابتكار، كما نرى مشاريع مشتركة مثمرة في قطاعات مثل الطاقة والبنية التحتية، ما يبرز طبيعة العلاقات الاقتصادية المتعمقة والمفيدة للطرفين.
علاوة على ذلك، أسهمت الشركات الألمانية بشكل فعّال في نجاح رؤية 2030، وهو ما ينعكس في أرقام صادراتنا الإيجابية وأدائنا التجاري العام.
تنعكس هذه العلاقات الإيجابية أيضا في الزيارات المتعددة التي أُجريت، وكان آخرها وأبرزها الزيارة الرسمية للرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى السعودية بداية هذا الشهر، التي كانت أول زيارة لرئيس ألماني إلى السعودية، وقد عقد الرئيس لقاء مثمرا للغاية مع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
كما يمكن ملاحظة الاهتمام المتزايد من جانب ألمانيا برؤية 2030، حيث تؤدي عديدا من الشركات الألمانية دورا رئيسيا في هذا السياق.
ويُعد مشروع حديقة الملك سلمان –التي من المقرر أن تكون أكبر حديقة في المنطقة– من الأمثلة البارزة على المساهمة الألمانية في هذا الصدد، حيث إن مهندسي مواقع طبيعية ألمان عكفوا على تصميم هذه الحديقة. هذا وقد زار رئيسنا موقع البناء وأعرب عن إعجابه بالتقدم الذي رآه.
إضافة إلى ذلك، في الأسبوع نفسه، زار وزير المالية الدكتور يورغ كوكيز السعودية برفقة وفد مكون من 80 ممثلا تجاريا لمناقشة فرص الأعمال وتوقيع اتفاقيات بشأن التعاون المستقبلي في مجال الطاقة.
ما أبرز فرص الاستثمار التي تراها ألمانيا في السعودية في الوقت الحاضر؟
توجد عديد من الفرص الاستثمارية الرئيسية في السعودية، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة والرعاية الصحية والخدمات اللوجستية.
في قطاع الطاقة المتجددة، تسهم الشركات الألمانية بفعالية في التحول نحو الطاقة الخضراء في السعودية، خاصة فيما يتعلق بتقنيات الهيدروجين وحلول الطاقة المستدامة.
ومع سعي السعودية لتنويع مصادر الطاقة وزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 50% بحلول 2030، تقدم الشركات الألمانية تقنيات مبتكرة في إدارة النفايات، وأجهزة التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى مفاهيم الاقتصاد الدائري.
كما شهد وزير الطاقة السعودي ووزير المالية الألماني توقيع اتفاقية تاريخية بين شركتي أكوا باور وSEFE، تهدف إلى بناء جسر هيدروجين بين السعودية وألمانيا، يبدأ في المرحلة الأولى بتوريد 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويا.
ويهدف التعاون بين الطرفين، في إطار هذه الاتفاقية، إلى إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، ما يعزز التعاون في مجال الطاقة بين البلدين.
وتطمح السعودية إلى أن تصبح واحدة من أكبر منتجي ومصدري الهيدروجين في العالم، ويتماشى هذا التعاون مع الطلب المتزايد على الهيدروجين الأخضر في ألمانيا، التي تعده حلا مستداما للحد من الانبعاثات وتحقيق إزالة الكربون.
إضافة إلى ذلك، تم توقيع مذكرة تفاهم بين شركتي Concorde Blue وسرك، وهما شركتان متخصصتان في الهيدروجين وإدارة النفايات، بهدف التقدم في مجال التحول في قطاع الطاقة وتعزيز الاقتصاد الدائري.
أما في قطاع الرعاية الصحية والأدوية، فإن خبرة ألمانيا في التكنولوجيا والخدمات الطبية المتقدمة تتناغم بشكل جيد مع جهود السعودية لتحسين البنية التحتية للرعاية الصحية.
ويمثل الموقع الإستراتيجي للسعودية ودفعها لأن تصبح مركزا لوجستيا عالميا فرصة هامة للشركات الألمانية في مجالات الخدمات اللوجستية والشحن وإدارة سلاسل التوريد.
كيف يمكن تعزيز التعاون التجاري بين الشركات الألمانية والسعودية بشكل أكبر؟
ـ هناك عدة طرق فعالة لتعزيز التعاون التجاري بيننا بما يعود بالنفع على الطرفين، ويؤدي مكتب الاتصال الألماني السعودي للشؤون الاقتصادية (GESALO)، وهو جزء من شبكة الغرف التجارية الألمانية العالمية، دورا مهما في تهيئة الظروف من أجل تعزيز التجارة، حيث يقدم التوجيه والدعم للشركات الألمانية لاغتنام الفرص في السعودية.
تشمل الإستراتيجيات الرئيسية تعزيز اتفاقيات التجارة الثنائية، وتشجيع المشاريع المشتركة والشراكات، وتسهيل تنظيم البعثات والوفود التجارية.
وعقدنا على سبيل المثال منذ أسبوعين اجتماع طاولة مستديرة ناجح بين السعودية وألمانيا في وزارة المالية، برئاسة مشتركة من وزير المالية الألماني الدكتور يورغ كوكيز ووزير المالية السعودي محمد الجدعان، حيث تم خلال هذا الاجتماع مناقشة توسيع التجارة وتعزيز التعاون في مجال الطاقة.
كذلك، ركزت رحلة استطلاع السوق إلى السعودية في أكتوبر 2024 على قطاعي البناء والمعادن، بينما أظهرت زيارة رفيعة المستوى لوزير الاقتصاد الاتحادي الألماني، الدكتور روبرت هابيك، في يناير 2024، الاهتمام المتزايد من الشركات الألمانية.
كما استكشفت وفود أخرى، مثل الوفد الذي زار السعودية في نوفمبر 2024 وركز على قطاع الطيران، الفرص المتنامية في مجال البنية التحتية، ونخطط أيضا لزيارة عديد من الوفود رفيعة المستوى في 2025.
تؤدي المعارض التجارية دورا حيويا في تعزيز التبادل التجاري، حيث ستضم الفعاليات المقبلة مثل "Big 5 Construct Saudi" و"معرض الغذاء السعودي 2025" أجنحة ألمانية، ما سيمكن الشركات الألمانية من عرض ابتكاراتها والتواصل مع الشركات المحلية.
إضافة إلى ذلك، وقعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية اتفاقية ثلاثية مع "دويتشه ميسي" (Deutsche Messe) وشركة معارض الرياض لإطلاق معرض التحول الصناعي في ديسمبر 2025، كما ستشكل فعاليات أخرى مثل "IFAT" مع معارض ميونيخ جزءا من سلسة المعارض التجارية لعام 2026 في السعودية.
من جانب آخر، تشارك الشركات السعودية بنشاط في المعارض والعروض في ألمانيا، حيث تعرض الشركات السعودية منتجات "صنع في السعودية" في العديد من المعارض التجارية الألمانية، بدعم من مكاتب GESALO، مثل "دويتشه ميسي" ومعارض دوسلدورف ومعارض ميونيخ ومعارض برلين ومعرض نورمبيرغ الدولي للألعاب.
*هل هناك مبادرات أو مشاريع مشتركة بين الحكومتين تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر والطاقة المستدامة هذا العام؟
ـ على مدار السنوات الماضية، أطلقنا عديد من المبادرات المشتركة المهمة التي تعكس تعاوننا المتزايد في تعزيز الاستدامة، مثل حوار الطاقة الألماني السعودي، إضافة إلى مذكرة التفاهم الموقعة في مارس 2021، التي أدت إلى إنشاء مكتب دبلوماسية الهيدروجين الألماني.
كما أسفرت هذه المذكرة الموقعة بين الوزارة الاتحادية الألمانية للاقتصاد وحماية المناخ ووزارة الطاقة السعودية، عن تأسيس تحالف الهيدروجين، وأعتقد أننا في وضع مثالي للتعاون في هذا المجال.
تعد ألمانيا دولة رائدة عالميا في تطوير وتصنيع تقنيات الهيدروجين عبر سلسلة القيمة بأكملها، بينما تمتلك السعودية سعة تخزين هائلة لثاني أكسيد الكربون، فضلا عن إمكانات ممتازة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ونتيجة لذلك، نعمل معا على بناء أحد أكبر مصانع الهيدروجين في العالم في نيوم، حيث تقوم شركة Thyssenkrupp Nucera الألمانية ببناء مصنع الهيدروجين لهذا المشروع الطموح.
إضافة إلى ذلك، نجتمع سنويا في إطار "يوم الطاقة السعودي - الألماني"، حيث نعمل على تعزيز تعاوننا في مجالات التحول في قطاع الطاقة وتطوير التقنيات النظيفة.
وأخيرا، أبرم الاتحاد الأوروبي أخيرا مذكرة تفاهم مع السعودية بشأن التحول في مجال الطاقة والتعاون في مجال التكنولوجيا النظيفة، ما يعزز جهودنا الجماعية في هذا المجال الحيوي، وسنعمل معا أيضا على تمكين الاستثمارات في إزالة الكربون من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو بناء سلاسل إمداد طاقة مرنة ومنخفضة الكربون تواكب المستقبل.
*ما الدور الذي تؤديه ألمانيا في المشاريع السعودية الكبرى، مثل نيوم وقطاع السياحة؟
تؤدي ألمانيا دورا مهما في عديد من المشاريع السعودية الكبرى مثل نيوم، والتحول في مجال الطاقة، وبناء حديقة الملك سلمان، ومترو الرياض، وقطاع السياحة، على سبيل المثال لا الحصر.
تدعم الشركات الألمانية الرؤية المستقبلية والمستدامة من خلال توفير البنية التحتية للهيدروجين والتقنيات المتقدمة، حيث يسهم المهندسون المعماريون الألمان في مشاريع مثل "تروجينا"، كما يشارك المهندسون الألمان في بناء مصنع الهيدروجين في نيوم.
في مجال السياحة، تعمل شركات الهندسة والتصميم الألمانية على تعزيز البنية التحتية الثقافية والترفيهية، مثل إنشاء المتنزهات والمجمعات الترفيهية في "القدية"، التي ستكون المدينة الترفيهية الرائدة في السعودية.
إضافة إلى ذلك، يمتد التعاون السعودي-الألماني إلى المبادرات الثقافية مثل أول أوبرا عربية، "زرقاء اليمامة"، التي قدمتها أوركسترا دريسدن السيمفوني الألماني، وهي أحد الجوقات الموسيقية الرائدة في مجال الموسيقى المعاصرة.
كما تؤدي الشركات الألمانية دورا فعالا في بناء حديقة الملك سلمان، والمتوقع أن تكون واحدة من أكبر الحدائق في العالم، والتي صممتها أيضا شركة Gerber Architects الألمانية.
*ما التحديات الأكثر أهمية التي تواجه الشركات الألمانية في السعودية، وكيف يمكن معالجتها؟
ـ تتشابك التحديات مع قضايا حاسمة مثل تغير المناخ والحاجة الملحة لتسريع التحول نحو الطاقة المستدامة، وتتمتع الشركات الألمانية، جنبا إلى جنب مع شركائها المحليين السعوديين، بموقع فريد لتحويل هذه التحديات إلى فرص، خاصة في ظل الدفع العالمي نحو إزالة الكربون من سلاسل التوريد وتقليص الانبعاثات عبر القطاعات الصناعية.
يمكن معالجة التحديات الرئيسية، مثل الحاجة المتزايدة إلى العمالة الماهرة، والاختلافات في معايير إدارة الموارد البشرية، وانقطاعات سلسلة التوريد المحتملة، من خلال التعاون والابتكار والقدرة على التكيف. في الوقت نفسه، هناك فرصة كبيرة لمواءمة الجهود مع رؤية 2030، خصوصا مع أهدافها الطموحة في مجال الطاقة المستدامة وتطوير البنية التحتية.
من خلال التركيز على التقنيات الخضراء وحلول الطاقة المتجددة، يمكن للشركات الألمانية أن تدعم السعودية في تنويع اقتصادها، وتحقيق تقدم في مكافحة تغير المناخ، إضافة إلى تلبية احتياجات السعودية إلى القوى العاملة والبنية التحتية المتطورة.
وبذلك، تقدم هذه التحديات مجتمعة مسارا نحو نمو مشترك وشراكة أعمق وأكثر استدامة بين السعودية وألمانيا.
*هل هناك استثمارات ألمانية كبيرة في السعودية، ما القطاعات التي تحظى بالأولوية؟
هناك استثمارات ألمانية كبيرة في السعودية، ما يعكس الروابط الاقتصادية القوية بين البلدين. والشركات الألمانية نشطة بشكل خاص في قطاعات مثل الطاقة، والسيارات، والصناعات التحويلية، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا، وهي جميعها تتماشى مع رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
تشارك الشركات الألمانية بشكل كبير في مشاريع الطاقة المتجددة والتحول الطاقي في السعودية، التي تسعى إلى توليد 50% من احتياجاتها من الكهرباء من خلال مصادر متجددة بحلول 2030، والشركات الألمانية تؤدي دورا رئيسيا في تحقيق هذه الأهداف الطموحة.
الاستثمارات الألمانية في قطاع التصنيع واسعة النطاق، وخاصة في مجالات مثل الآلات المتطورة، والأتمتة الصناعية، والحلول الهندسية عالية الجودة.
كذلك تستثمر الشركات الألمانية بشكل كبير في قطاع الرعاية الصحية في السعودية، الذي يشهد تحولا كبيرا ضمن جهود السعودية لتحسين بنيتها التحتية الصحية، ومن المتوقع أن تصل سوق الرعاية الصحية السعودية إلى قيمة تتجاوز 40 مليار دولار بحلول 2025، ما يوفر فرصا كبيرة للشركات الألمانية المتخصصة في التكنولوجيا الطبية.
على صعيد آخر، تعد ألمانيا دولة رائدة عالميا في صناعة السيارات، وتوفر السعودية سوقا متنامية للسيارات الألمانية الفاخرة، في 2023، بلغت قيمة سوق السيارات السعودية 10 مليارات دولار، مع مسار تصاعدي قوي لتبني المركبات الكهربائية، حيث من المتوقع أن تواصل الشركات المصنعة الألمانية ريادتها في هذا المجال.
أما قطاع التكنولوجيا، فيُعد من أسرع المجالات نموا بالنسبة للاستثمارات الألمانية في السعودية، وذلك بفضل طموحاتها لأن تصبح مركزا إقليميا للابتكار. يشمل ذلك مشاريع المدن الذكية، والتحول الرقمي، وتطوير النظام البيئي التكنولوجي للسعودية.
ومن المتوقع أن ينمو سوق التكنولوجيا السعودي بنسبة 9.8% سنويا ليصل إلى قيمة 6.2 مليار دولار بحلول 2025، حيث تؤدي الشركات الألمانية دورا رئيسيا في تشكيل هذا التحول.
*ما هو حجم استثمارات ألمانيا في السوق السعودية لعام 2024؟
على الرغم من أننا متحمسون للاستثمارات الألمانية المتزايدة في السعودية، إلا أن الأرقام الدقيقة لعام 2024 لم يتم جمعها بعد. في 2023، بلغ إجمالي استثمارات ألمانيا في السوق السعودية 2.052 مليار يورو. ما يمكننا قوله هو أن مستوى المشاركة والالتزام قوي ومستمر، مع فرص واعدة في الأفق. سنترك الأرقام تتحدث عن نفسها عندما يحين الوقت المناسب.
إضافة إلى ذلك، نشهد زيادة في عدد الشركات التي تقوم بإقامة منشآت للإنتاج محلي، خاصة في قطاع الآلات. ولا يقتصر هذا الاتجاه على الشركات متعددة الجنسيات الكبرى، بل يشمل أيضا ما يُعرف بـ "الأبطال الخفيين" - الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للعائلات التي تقوم بالاستثمار وتلتزم بالنمو الطويل الأجل في المنطقة.
*حدثنا عن حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2024؟
تعد السعودية ثاني أكبر شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي، وقد ارتفع حجم التجارة بين البلدين بأكثر من 20% بين عامي 2022 و2024. يستمر التبادل التجاري بين السعودية وألمانيا في 2024 في إظهار نمو قوي، ما يعكس تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية.
وفي حين أن الأرقام الدقيقة لم يتم الانتهاء منها بعد، فقد شهدا البلدين زيادة في حجم التجارة عبر جملة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة والتصنيع.
تؤكد هذه العلاقة التجارية المتنامية على الزخم الإيجابي والإمكانات طويلة الأمد لشراكتنا الاقتصادية، حيث تعد ألمانيا رابع أكبر مورد للسلع إلى السعودية.
*ما هو أول مشروع أو شراكة بين السعودية وألمانيا؟
ربما لا يكون المشروع الذي أذكره الآن هو الأول، لكنه بالتأكيد مشروع مميز: تأسيس المدرسة الألمانية في الرياض عام 1975، أي منذ 50 عاما، كان هذا التعاون مثمرا للغاية على مر العقود، حيث احتضن السعوديون هذه المؤسسة التعليمية.
على مر السنين، عززت المدرسة الروابط القوية بين الثقافتين، وأصبحت حجر الزاوية لكثير من المغتربين الألمان في السعودية، ولا تزال هذه المدرسة تمثل مثالا للتعاون طويل الأمد والهادف بين ألمانيا والسعودية في المجال التعليمي.