التمويل للبلدان الأشد فقرا

"قيم المجتمع تجدها في كيفية التعامل مع الضعيف، ومع كل شخص لا حول له"

جيمي كارتر، الرئيس الـ39 للولايات المتحدة

يبدو أن الجهود الدولية الرامية إلى تخفيف الضغوط على الدول الفقيرة، حققت خطوات ليست قوية، إلا أنه يمكن البناء عليها في المستقبل، ولا سيما في ظل تصاعد حدة الحاجة، لمواجهة أكثر فاعلية من قبل المؤسسات المعنية. فالمسألة ستزيد مخاطرها، ليس الاقتصادية والمعيشية فحسب، بل الأمنية ومن جهة الاستقرار الذي تحتاجه بصورة أكبر البلدان ذات الكيانات الاقتصادية الهشة.

في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، حققت برامج الأمم المتحدة الإنمائية أهدافاً مهمة على صعيد الحد من الفقر، وتحسين الخدمات المقدمة للبلدان الفقيرة، وخصوصاً تلك التي توصف بالأشد فقراً، بما في ذلك الصحة والتعليم وحتى محو الأمية. وأسست هذه البرامج قواعد ذات فاعلية للاستناد عليها في مسار الحراك العام لمساعدة المجتمعات الفقيرة حول العالم، ولا سيما في القارتين الآسيوية والإفريقية.

هذه المجموعة من البلدان، لا تحتاج للمساعدات فقط، لكن أيضاً لدعم تنموي استثماري، يوفر لها مزيداً من الاستدامة الاقتصادية عموماً. وقد أسهمت التسهيلات على صعيد التجارة (مثلاً) التي قدمتها الدول الكبرى والمتوسطة للبلدان الفقيرة منذ عقدين من الزمن تقريباً، في رفد اقتصاداتها ليس فقط بالعوائد المالية، بل والتوظيف أيضاً، فقد وفرت فرص عمل في قطاعات مختلفة.

ويسهم البنك الدولي بدور كبير في هذ المجال، خصوصاً في ظل الارتفاع الطفيف (وليس الكبير) للتمويل الذي يحصل عليه من الجهات الدولية. فقد أعلن أخيراً، أن المؤسسة الدولية للتنمية التابعة له ستخصص مبلغاً قياسياً يصل إلى 100 مليار دولار، للدول الأشد فقراً. فهذه الأخيرة تحتاج إلى مزيد من الدعم بمختلف أنواعه، والمؤسسة المشار إليها مختصة بهذه البلدان تحديداً.

المبلغ الذي جمعه البنك الدولي لا يزيد سوى 200 مليون دولاراً، عما تعهد به الدول المانحة في السابق، حيث يبلغ حالياً 23.7 مليار دولار. هذا المستوى المالي، سيوفر بالضرورة للبنك، مساحة للاستدانة بالمضاعفة 4 مرات.

وهذا يعني، أنه سيتوافر للمؤسسة الدولية نحو 100 مليار دولار من القروض والهبات، مقابل 93 مليار دولار في 2021، لأن تجديد التمويل يتم كل 3 سنوات. وهناك 78 بلداً ضمن قائمة الدول الموصوفة بالأشد فقراً، تستفيد من التمويلات التي يقدمها البنك لها، ما يعني أن الأمور ستكون أفضل في السنوات الثلاث المقبلة. وكما هو معروف، معظم هذه الدول تقبع في القارة الإفريقية، وتستفيد من هبات وقروض بفائدة أقرب إلى أن تكون صفرية.

بلدان جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء، تضمان أكبر كثافة سكانية في العام، وهاتان المنطقتان لوحدهما يعيش فيهما 85% من فقراء الأرض البالغ عددهم 629 مليون نسمة. وكل دولار يدخل هناك، يمكن أن يحدث الفارق المأمول، ولا سيما في مجالات التنمية والاستمارات ورفع مستويات النمو في المنطقتين المشار إليهما.

ولا شك، أن نجاح عمليات تجديد الموارد لدى البنك الدولي، سترفع من زخم التمويل باختلاف أشكاله في البلدان المحتاجة حقاً له. ولا خلاف في سياق الموارد بين الدول المشاركة الكبرى وهي الولايات المتحدة التي ضخت أخيراً 4 مليارات دولار، إلى جانب كل من بريطانيا، وفرنسا واليابان وألمانيا. وفي النهاية كل شيء مرتبط بمدى التزام الدول الأعضاء، وهي ملتزمة بالفعل.

المشاريع الكبيرة تلك الممولة من قبل البنك الدولي، بما في ذلك الحد من الفقر، وتحسين الظروف المعيشية، والتعليم والصحة، وحتى المساعدة على التكيف مع التغير المناخي. إنها مشروعات تمثل المستقبل لمجموعة من البلدان تحتاج بالفعل إلى المساعدة، شرط أن تنجح في تحقيق معدلات نمو مساعدة في الحراك كله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي