المواسم المحلية .. التوافق التقويمي والاستعداد

يقال إن الحدس - أو الحظ، او القدرة على التنبؤ - هو فارق القيمة التي يصنعها رجل الأعمال الحقيقي. ورغم الجدل الذي حول إمكانية دراسة العوامل التي تساعد على ذلك إلا أن الموضوع لا يخلو من إحساس ولا يخلو كذلك من عناصر موضوعية يمكن دراستها. هناك من يتجاهل العناصر الموضوعية بالكامل وهناك من يعيها ويستخدمها بأفضل طريقة ممكنة. من هذه العناصر، تغيرات العادات والسلوك، المواسم المحلية، الظروف الاقتصادية العالمية، التقنيات الحديثة. من الملفت لدينا حجم تأثير التوافقات التقويمية الهجرية والميلادية على فرص الربح والتجارة. يتضح حجم هذا التأثير بشكل أكبر في التجارة الاستهلاكية لكنه موجود أيضا في قطاعات أخرى، مثل العقار أو فيما يتأثر إجمالا بالتوقيت خلال السنة. على سبيل المثال، يتنقل رمضان بين الشتاء والصيف كل 25 عاما تقريبا، ويعني أيضا أن نهاية الفترة المالية وفق التقويم الميلادي تزحف بذات القدر، وتعني أيضا أن موسم الاستهلاك الرمضاني الذي كان قبل بضع سنوات يحدث في الربع الأول من السنة سيصبح السنة القادمة من أنشطة الربع الثاني. وهذا يعني أن اجازتي عيدي الفطر والحج اللتين كانتا تأتيان أثناء إجازة الصيف تقدمتا الصيف اليوم، وأصبحت أطول الاجازات الرسمية تحدث قبل الصيف. وهذا يعني أن التوافق السابق في فترات الإجازات الرسمية مع إجازة الصيف انتهى، ويعني أننا سنعيش مجموعة من السنوات دون هذا التوافق في أوقات الإجازات. يزداد الطلب الاستهلاكي أثناء الإجازات الرسمية على بعض البنود وتقل أخرى، وفي فترة الصيف تتحرك أنشطة وتموت أخرى، وتتفرق القيادات التنفيذية في أنحاء المعمورة وبالتالي تتباطأ سرعة اتخاذ القرارات في كل من القطاعين العام والخاص. في بداية موسم المدارس تزدهر أعمال الاستعداد في المدرسة والمنزل، وتعد الأعياد محركا لأعمال تجديد الديكور، وفي رمضان تشتعل الأسواق بينما تركد قطاعات أخرى بالكامل. تؤثر هذه المواسم بشكل أو بآخر في العملية التجارية، ويزداد هذا التأثير تميزا إذا نظرا إلى توافق التقويم الهجري مع الميلادي، وهذا يعني ارتباط مواسمنا الدينية والثقافية بالشتاء والصيف، وارتباطها بالتقويم المالي للشركات، فما يحدث في بداية العام المالي غير ما يحدث في نهايته. هناك ما يقارب من عشرين دولة على مستوى العالم تستخدم تقويم رسمي آخر بصحبة التقويم الميلادي، معظمها من الدول العربية والإسلامية. وهذا يعني أن الدول التي تتأثر بمسالة التوافقات التقويمية ليست كثيرة، ولن تجد لها قواعد عامة توضح كيف تؤثر هذه التوافقات التقويمية في دورات الأعمال، خصوصا إذا عرفنا أن درجة التفاعل بين التقويمين تختلف من بلد لآخر. هناك عدد كبير من الخصائص الموسمية الاستهلاكية والسياحية والاجتماعية المرتبطة بهذه التوافقات التقويمية، وهي ليس ثابتة مثل الدول التي تعيش فقط على التقويم الميلادي، لهذا تتطلب في نظري عناية خاصة. وتحديدا، يفقد العمل الربحي الكثير الإدراك المرتبط به إذا لم تتعرض الية تنفيذ استراتيجيته إلى اخذ هذه التوافقات في الحسبان. وفي نظري العمل الذي يعجز عن تصميم وقياس الخطط والأداء بشكل أسبوعي وشهري يأخذ هذه الموافقات التقويمية في الحسبان سيعجز عن إدارة أدائه بالشكل المطلوب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي