Author

اقتصادات الزكاة وتطور الأنشطة العقارية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي من العبادات الخاصة بالمال حيث إن العبادات منها ما هو بدني وما هو مالي ومنها ما يجمع الاثنين معا، والزكاة هي نظام إسلامي يعالج الفجوة التي يمكن أن تنشأ بين الأغنياء والفقراء كما أنها توزيع عادل حيث لا تتم المبالغة في الأخذ من أموال الأغنياء كما أنها تعزز جانب التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ومن المهم أن نعرف هنا أن الزكاة في الأساس تعالج حالة الفرد العاجز عن الاكتساب لأسباب مختلفة وذلك من أجل أن توفر له الحد المناسب من احتياجاته الإنسانية سواء فيما يتعلق بالسكن أو الطعام أو اللباس أو العلاج وغيرها من الاحتياجات الأساسية، وصور التكافل الاجتماعي متعددة في التشريع الإسلامي والزكاة تعد أبرزها.
الحديث عن الزكاة في العقار لا يتوقف باعتبار التعقيدات الحالية لطبيعة النشاط العقاري بعد أن كانت بسيطة جدا في السابق، ولذلك تجد الحديث عن زكاة العقار في كتب الفقه محدود باعتبار أن إدراجه ضمن الأموال التي تجب فيها الزكاة محدود مثل الزراعة ورعي الماشية والتجارة والنقد بمختلف أشكاله.
مع تطور الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالعقار أصبح الحديث عنه لا يتوقف خصوصا خلال شهر رمضان الذي عادة ما يخرج الأفراد فيه الزكاة، وهنا تأتي أهمية وضوح الأحكام فيما يتعلق بالزكاة فيما يتعلق بمختلف أشكال وصور الأنشطة العقارية نظرا لعدم وضوح الأمر فيها مثل النقود وعروض التجارة والزروع والثمار والماشية، ويمكن أن يكون مجال النقاش هنا فيما يتعلق بالاستثمار في القطاع العقاري في مختلف أنواع الاستثمارات ومن ذلك أسهم الشركات العقارية حيث إنه في المملكة لا يوجد إشكال في هذه المسألة باعتبار أن هناك جهات حكومية تتولى تحصيل الزكاة من الشركات المساهمة وهذا في حالة المستثمر في الشركات المساهمة عموما إلا أن مجموعة من العلماء لهم تفصيل آخر فيمن يمارس التداول بصورة دورية أي لا يحتفظ بالسهم مدة طويلة وهذا ما يوصف بالمضاربة في الأسهم حيث يطبق على هذه الحالة الأحكام الخاصة بعروض التجارة وبالتالي فإن الإشكال فيما لو كان المستثمر يستثمر في أسهم لشركات عقارية في بلدان لا تلزمها بالزكاة فكيف ستكون الزكاة فيها، من صور الاستثمار العقاري هو صناديق الريت المتداولة حيث تمتلك العقارات عادة بغرض تأجيرها، كما أن من صور الاستثمارات العقارية هو تطوير الوحدات السكنية وبيعها وذلك يمكن أن يكون من خلال شركات مساهمة أو صناديق مختصة وفي هذه الحالة هل تعامل معاملة عروض التجارة بدءا من ممارسة الصندوق نشاطه الذي قد يستمر أعواما؟
ومن صور الاستثمار العقاري: مشاريع البيع على الخارطة خصوصا لمن يستثمر من أجل بيع تلك الوحدات بعد إتمام إنشائها وقد يستمر أعواما فهل يجب ذلك أثناء إنشاء تلك الوحدات أو بعد عرضها للبيع؟ فهذه الصور وغيرها ستكون مثار تساؤل خصوصا أن أثرها كبير في المستثمر حيث إن الاتجاه إلى القول بوجوب الزكاة أو عدم ذلك سيكون له أثر في خيارات المستثمرين.
الخلاصة: إن الدراسات الخاصة بالزكاة واقتصاداتها تتطور بصورة كبيرة وفي القطاع العقاري يحتاج الأمر إلى تفاصيل أكثر على غرار أموال الزكاة الأخرى مثل النقود، وبالتالي دراسة هذه من قبل المجامع الفقهية سيكون له أثر كبير في استقرار هذه المسائل بما يحقق في نهاية الأمر مقاصد التشريع الإسلامي فيما يتعلق بشعيرة الزكاة.

إنشرها