Author

ما المتوقع من أسواق النفط في 2024؟

|

بعد أداء متميز في 2021 و2022، تراجعت أسعار النفط في 2023.
حيث شهدت أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط انخفاضات بأكثر من 10 في المائة منذ بداية العام. رغم أن هناك عوامل قليلة قادرة على تغيير ذلك، إلا أن محللي السلع أكثر تفاؤلا عندما يتعلق الأمر بعام 2024، فهناك عديد من المحفزات المحتملة لارتفاعها.
من هذه العوامل، استمرار خفض إنتاج "أوبك+"، القيود اللوجستية في الشرق الأوسط، وانخفاض إنتاج النفط عموما بسبب انخفاض الاستثمار لتطوير حقول جديدة.
لكن، مفتاح الاتجاه الصعودي هو الطلب، خصوصا بعد أن رفع عديد من المحللين توقعاتهم السابقة لنمو الطلب في العام المقبل.
وفقا لهذه المراجعات، تتوقع البنوك الأمريكية الخمسة الكبرى أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 85 دولارا للبرميل عام 2024. وذلك دون أي انقطاع كبير في العرض. في هذا الجانب، توقع بنك جولدمان ساكس أخيرا أن تصل أسعار خام برنت في 2024 إلى ما بين 70 و90 دولارا للبرميل انخفاضا من توقعاته السابقة البالغة ما بين 80 و100 دولار للبرميل.
قبل المراجعة الأخيرة، كان البنك يتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت 92 دولارا للبرميل. ربما قلصوا ذلك أيضا الآن، مع ذلك يبقى أفضل من العام الحالي. وأشار البنك إلى ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي كسبب للمراجعة، حيث وصل إنتاج الولايات المتحدة وصادراتها النفطية إلى مستوى قياسي هذا العام. لكن التوقعات لعام 2024 تشير إلى نمو أبطأ بكثير. حيث تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية نموا بالكاد يبلغ 180 ألف برميل يوميا مقارنة بنحو مليون برميل يوميا هذا العام. ولابد أن يكون لدى الإدارة أسباب وجيهة لهذا التوقع.
في الوقت نفسه، توقع بنك سيتي جروب أن يبلغ متوسط سعر النفط في 2024 نحو 75 دولارا للبرميل، وهو أدنى مستوى من التوقعات الخمسة ويتوافق مع موقف سيتي المتناقض هذا العام. وكان هذا الموقف هو الأقرب إلى ما حدث بالفعل لأسعار النفط هذا العام، حيث توقع سيتي بنك المتوسط السنوي لخام برنت عند 80 دولارا للبرميل، وهو قريب من ذلك. ويرى محللو البنك أن السبب وراء التنبؤ الحذر بالأسعار هو تباطؤ نمو الطلب الناتج عما أسموه "الرياح المعاكسة للاقتصاد وانتقال الطاقة". وأشار البنك أيضا إلى ارتفاع الإنتاج الأمريكي سببا آخر لانخفاض التوقعات، وتوقع أن تلتزم "أوبك+" بتخفيضات الإنتاج الأعمق لوضع حد أدنى للأسعار.
في حين حددت البنوك الثلاثة الكبرى الأخرى توقعاتها لسعر خام برنت لعام 2024 بما يراوح بين 83 و90 دولارا. لدى جيه بي مورجان أقل سعر متوقع بعد سيتي جروب، عند 83 دولارا للبرميل لخام برنت، في حين أن بنك أوف أمريكا هو الأكثر تفاؤلا ويتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت 90 دولارا للبرميل في العام المقبل. ويقع مورجان ستانلي في المنتصف عند سعر 85 دولارا للبرميل.
في الواقع يتوقع أكبر خمسة بنوك استثمارية أن تظل أسعار النفط في العام المقبل ضمن النطاق الذي كانت عليه خلال الأشهر الثلاثة الماضية أو نحو ذلك. ويعد ارتفاع إمدادات النفط من المنتجين من خارج "أوبك" أحد الأسباب. وينظر على نطاق واسع إلى أن هذا العرض تقوده الولايات المتحدة، لكن منتجين آخرين مثل جويانا، البرازيل والنرويج يرفعون إنتاجهم أيضا – حتى مع توقيعهم على خفض استخدام الهيدروكربون في مؤتمر المناخ كوب 28.
بالفعل، هذا العام، كانت هناك زيادة كبيرة في إنتاج النفط من خارج "أوبك" بنحو مليوني برميل يوميا، ما زاد الضغط على "أوبك+" لخفض إنتاجها لدعم استقرار السوق. لكن من المتوقع أن يتباطأ نمو إنتاج النفط من خارج أوبك في 2024 إلى نحو مليون برميل يوميا فقط. سيؤدي هذ إلى تخفيف الضغط الذي واجهته "أوبك+" في 2023.
من ناحية أخرى، الأخبار المتكررة على نحو متزايد عن هجمات على السفن في البحر الأحمر يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، رغم أن أسعار النفط قد ارتفعت. ولم تتعرض الناقلات للهجوم بعد.
في هذه الأثناء، يبدو أن هناك تغييرا طفيفا في انقطاعات الإنتاج الرئيسة. بالفعل، نجحت الأسواق في تجاوز الانخفاض بمقدار 450 ألف برميل يوميا في إمدادات النفط من كردستان العراق، حيث تواصل الحكومة المركزية والإقليم مناقشة شروط استئناف الصادرات. ويبدو أن ليبيا مستقرة نسبيا في الوقت الراهن. وأعلنت فنزويلا وجويانا استعدادهما حل النزاع الإقليمي المشترك دبلوماسيا. الجزء الآخر من معادلة السعر – الطلب – صعودي إلى حد ما. حيث تتوقع أوبك أن ينمو بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا في العام المقبل، وقالت تقارير دولية: إن الطلب على النفط سينمو بشكل أسرع مما كان متوقعا في السابق في 2024. ومن المتوقع أن تتحمل آسيا مرة أخرى الجزء الأكبر من نمو الطلب بقيادة الصين والهند.
تجدر الإشارة هنا إلى أن التوقعات كثيرا ما يتبين أنها مخطئة، لأنها تطرح عددا من الافتراضات، بما في ذلك الافتراض المتمثل في ضعف نمو الطلب على النفط على نحو متزايد. لكن الطلب على النفط فاجأ التوقعات مرارا وتكرارا.
على سبيل المثال، كان من المفترض أن يصل الطلب إلى ذروته في 2019، وفقا لشركة بريتيش بتروليوم، وكان من المفترض أن يتباطأ بشكل كبير هذا العام والعام المقبل، وفقا لبعض المصادر. وبدلا من ذلك، سجل الطلب هذا العام أعلى مستوياته على الإطلاق، وقامت بعض الجهات أخيرا بتحديث توقعاتها لعام 2024، قائلة إنه من المتوقع الآن أن ينمو الطلب بشكل أسرع مما كان متوقعا. كل هذا يجعل 2024 مشجعا للغاية فيما يتعلق بأسعار النفط.

إنشرها