Author

توحيد التفتيش والرقابة والمستفيد الأول

|

وافق مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي على تأسيس المركز الوطني للتفتيش والرقابة الذي يهدف إلى تنسيق أعمال التفتيش والرقابة بين الجهات الحكومية. وأكد ماجد الحقيل وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان رئيس مجلس إدارة المركز، أنه "سيتم وضع خطة لتوحيد أعمال التفتيش والمراقبة بين الجهات الحكومية المختلفة واعتماد إجراءات تضمن الشفافية والنزاهة في أعمال الرقابة والتفتيش ومراجعة آليات تشكيل لجان النظر في الاعتراضات، ما يحفظ حقوق جميع الأطراف".
أما أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية فقد قال: "إن موافقة مجلس الوزراء على إنشاء المركز الوطني للتفتيش والرقابة ستعزز جهود التكامل والتنسيق بين الجهات الحكومية للحد من تكرار زيارة المنشآت، وسيسهم في رفع كفاءة العمل الرقابي وتحسين بيئة الأعمال لمواصلة النمو الاقتصادي"، ولخص أثر هذا القرار ماجد القصبي وزير التجارة -ووزارته ذات مساس مباشر مع كل أنواع الأنشطة ذات الطابع البيعي والتجاري- بأنه "يعزز امتثال المنشآت التجارية ويوحد الجهود الرقابية، لرفع كفاءة الأداء وحماية حقوق المستهلك".
بعد هذا الحديث المهم للوزراء الذين تقوم وزارتهم بالتعامل مع المؤسسات متناهية الصغر أو الصغيرة والرقابة عليها، أقول، إن المستهلك هو المستفيد الأول بلا أدنى شك، وحمايته وتقديم الخدمة والسلعة بأعلى جودة مقابل ما يدفعه وما يستحقه هي الغاية دائما، إلا أن جمع أعمال التفتيش والرقابة في مركز واحد ينعكس إيجابا ومباشرة على المؤسسات التي كانت لا تدري متى يدخل عليها المراقب أو المفتش ويفرض عليها غرامة المخالفة، ثم يخرج ويدخل آخر ويبحث عن مزيد من المخالفات التي تكون أحيانا شكلية ولا تؤثر في مستوى الخدمة التي تقدمها المؤسسة للمستهلك. وتمنح الغرامة عند اكتشافها دون إعطاء إنذار يمكن صاحب المخالفة من تلافيها. حيث لا ضرر في ذلك خاصة إذا كانت كما قلت شكلية كمقاس لوحة المحل أو لونها أو الإضاءة عليها وهكذا مما لا علاقة له بالنظافة أو جودة المنتج الذي يتم بيعه للناس، أو سلامة المستهلك. وهكذا اشتكى كثيرون من أصحاب المؤسسات الصغيرة من هذا الأمر بل أقفل بعضهم نشاطه بعد الخسائر التي ألحقت بهم الديون.
يلاحظ أن المقاهي أكثر الأمثلة فلا تستمر بعضها أكثر من عام إلا ووجدت لوحة للبيع أو التأجير عليها. وما دمنا قد حددنا المستفيد الأول من توحيد جهة الرقابة، فإن الأمل أن تصبح البيئة الاستثمارية لهذه المؤسسات أفضل بعد هذا القرار، وأن يتشجع الشباب والفتيات على دخول مجال الأعمال بعد التركيز على الوظائف فقط. وبذلك يتحقق أحد الأهداف الرئيسة في رؤية 2030 الذي يتعلق بزيادة مستوى مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي عن طريق رفع إسهامات تلك المؤسسات التي تبلغ الآن 20 إلى 35 في المائة 2030 وهذا يعني إزالة المعوقات التي تعترض نمو واستمرار هذه المنشآت وتحسين أدائها تدريجيا بالتوعية والحوافز التي لا تبخل بها الدولة.
أخيرا، لعل من سلبيات تعدد جهات الرقابة والشكوى منها بعض الممارسات الفردية وغير المقرة من كل الجهات، التي يسعى فيها بعض المفتشين إلى تعظيم الإيراد بصرف النظر عن الضوابط التي يجب توافرها. وأهمها ما تقرر تطبيقه أخيرا مراعاة التدرج في تحديد الغرامات بحسب نوع المخالفة ومدى التكرار. مع مراعاة الاختلاف بين مستويات المدن من الناحية الاقتصادية، والأخذ في الحسبان التصنيف المعتمد من الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مع تطبيق مبدأ التنبيه قبل إيقاع الغرامة، ووضع مهلة لتصحيح المخالفات غير الجسيمة. ويبقى بعد ذلك الحرص على التوعية لتلافي المخالفات وتحسين الخدمات، وذلك عن طريق عقد ورش عمل لذلك بالتعاون مع الغرف التجارية التي يجب تفعيل دورها في هذا المجال الحيوي المهم.

إنشرها