توطين الاستشارات .. قوة دافعة لاقتصادنا

رؤية 2030 ليست مجرد أرقام أو توقعات، بل خطة استراتيجية تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في القطاعات الاقتصادية، وتنويع الاقتصاد غير النفطي. في هذا السياق، تشهد سوقنا تغيرات، خصوصا في قطاع الاستشارات والخدمات المهنية. وواجه هذا القطاع تحديات خلال العقود الماضية، إلا أنه أصبح اليوم عنصرا تمكينيا يدعم النمو. ومن المتوقع أن يشهد قطاع الاستشارات والخدمات المهنية ازدهارا متسارعا خلال الأعوام المقبلة.
في إطار الجهود المشتركة لتوطين قطاع الاستشارات والأعمال، صدر قرار بتوطين 35 في المائة من المهن الاستشارية والأعمال، بمشاركة خمس جهات حكومية تمثلت في كل من: وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزارة المالية، وهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، وهيئة كفاءة الإنفاق والمشاريع الحكومية، وصندوق تنمية الموارد البشرية "هدف"، بهدف زيادة المحتوى المحلي في هذا القطاع الاستراتيجي.
تتيح مثل هذه القرارات الهيكلية تشكيل مسارات تعزز القوى العاملة السعودية في القطاع وتنمية خبراتهم ومهاراتهم الفنية بمستوى عال من القيمة. إضافة إلى ذلك، زيادة نسبة التوطين في المهن الاستشارية والأعمال ستسهم في زيادة التنافسية للإنتاج المحلي في قطاع الخدمات المهنية والاستشارية، وبالتالي رفع المحتوى المحلي في هذا القطاع الاستراتيجي.
من أمثلة خدمات الدعم التجاري تلك الأنشطة الداعمة لتأسيس ونمو المشاريع الريادية والناشئة، من خلال توفير حزمة من الخدمات والموارد، مثل مساحات العمل والمكاتب المشتركة، وخدمات تطوير الأعمال، وخدمات استشارية وتوجيهية وتدريبية. يتيح توطين الاستشارات والخدمات المهنية تحقيق عدة فوائد، أولا وقبل كل شيء، تطوير قاعدة قوية من الخبرات والمهارات المحلية في قطاع الاستشارات، ما يسهم في تعزيز الاستدامة والاستقلالية الاقتصادية في هذا القطاع الحيوي.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوطين إلى زيادة التنافسية والابتكار في قطاع الاستشارات والخدمات المهنية. بوجود قاعدة قوية من الخبرات المحلية، يمكن للشركات المحلية تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل وتقديم حلول مبتكرة ومخصصة لتحدياتهم المحددة، وهذا يسهم في تعزيز سمعة الشركات المحلية.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي توطين الاستشارات إلى توفير فرص عمل محلية للكفاءات السعودية، بدلا من الاعتماد على الأجانب، ويمكن تدريب وتوظيف المواطنين السعوديين في مجال الاستشارات والخدمات المهنية، ما يسهم في تعزيز التوظيف المحلي وتحسين مستوى الدخل والتنمية للمجتمع.
لا يقتصر دور التوطين على الفوائد الاقتصادية فحسب، بل يمكن أن يسهم أيضا في نقل المعرفة وبناء القدرات المحلية. من خلال توطين الاستشارات والخدمات المهنية، يمكن تبادل المعرفة والممارسات الأفضل بين الشركات المحلية والدولية، ما يسهم في تطوير القدرات المحلية وتعزيز مستوى الاحتراف والجودة في هذا القطاع.
بشكل عام، يمكن القول إن توطين الاستشارات والخدمات المهنية يعد قوة دافعة للاقتصاد المتجدد في المملكة ويسهم في تحقيق رؤية السعودية 2030 وتنمية الاقتصاد غير النفطي، إضافة إلى تعزيز التوظيف المحلي وتطوير القدرات المحلية في قطاع الاستشارات والخدمات المهنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي