فجوة عدم المساواة الاقتصادية والسياسية واتساعها «2 من 2»

كانت إحدى النتائج في الأنظمة الحكومية تتمثل في الاستقطاب المتزايد، الذي يعيق عمل الديمقراطية ـ خاصة في دول مثل الولايات المتحدة، وذلك من خلال الانتخابات، حيث يحظى فيها الفائز بكل شيء. بحلول الوقت الذي تم فيه انتخاب ترمب في 2016 بأقلية من الأصوات الشعبية، أصبحت السياسة الأمريكية، التي كانت تفضل ذات يوم حل المشكلات من خلال التسوية، صراعا حزبيا واضحا على السلطة، وهي جولة مصارعة يعتقد فيها أحد الطرفين على الأقل أنه ينبغي ألا تكون هناك قواعد.
عندما يصبح الاستقطاب مفرطا إلى هذا الحد، فسيبدو الأمر في الأغلب وكأن المخاطر أعلى من أن يسمح لنا بالتنازل عن أي شيء. وبدلا من البحث عن أرضية مشتركة، سيستخدم القائمون على السلطة الوسائل المتاحة لهم لترسيخ مواقفهم ـ كما فعل الجمهوريون علنا من خلال تقسيم الدوائر الانتخابية واتخاذ التدابير اللازمة لقمع تصويت الناخبين.
تعمل الديمقراطيات على أفضل وجه عندما لا تكون المخاطر المحتملة أقل مما ينبغي أو أعلى مما ينبغي "إذا كانت المخاطر منخفضة للغاية، فلن يشعر الناس بالحاجة إلى المشاركة في العملية الديمقراطية على الإطلاق". هناك خيارات تصميم يمكن للديمقراطيات اتخاذها لتحسين فرص التوصل إلى حل وسط. تشجع الأنظمة البرلمانية، على سبيل المثال، على بناء التحالفات وفي الأغلب ما تمنح السلطة للوسطيين، بدلا من المتطرفين. وتبين أيضا أن التصويت الإلزامي والتصويت الاختياري يساعدان في هذا الصدد، وكذلك وجود خدمة مدنية ملتزمة ومحمية.
لطالما عدت الولايات المتحدة نفسها منارة للديمقراطية. على الرغم من النفاق الذي كان قائما باستمرار -من تقرب رونالد ريجان إلى أوجستو بينوشيه، إلى فشل جو بايدن في إبعاد نفسه أو إدانة التعصب المناهض للمسلمين الذي تمارسه حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي- فقد جسدت أمريكا على الأقل مجموعة مشتركة من القيم السياسية.
مع ذلك، أصبحت فجوة عدم المساواة الاقتصادية والسياسية أكثر اتساعا في الوقت الراهن، حيث أصبح عديد من الناس يرفضون الديمقراطية. تعد هذه أرضا خصبة للأنظمة الاستبدادية، خاصة لهذا النوع من الشعبوية اليمينية التي يمثلها ترمب وبولسونارو وآخرون. مع ذلك، أظهر مثل هؤلاء القادة أنهم لا يملكون أيا من الإجابات التي يسعى إليها الناخبون الساخطون. بل على العكس من ذلك، فإن السياسات التي يعتمدونها عندما يحصلون على السلطة تزيد الأمور سوءا.
بدلا من البحث عن بدائل في مكان آخر، يتعين علينا النظر إلى الداخل، إلى نظامنا الخاص. ومن خلال الاستعانة بالإصلاحات اللازمة، يمكن للديمقراطيات أن تصبح أكثر شمولا، وأكثر استجابة للمواطنين، وأقل استجابة للشركات والأثرياء الذين يتولون حاليا زمام الأمور. مع ذلك، سيتطلب إنقاذ سياستنا أيضا إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية بالقدر نفسه. ولن يتسنى لنا أن نبدأ تعزيز رفاهية كل المواطنين بشكل عادل -وتقويض نفوذ الشعبويين- إلا عندما نتخلى عن الرأسمالية النيوليبرالية ونقوم بعمل أفضل بكثير في إيجاد الرخاء المشترك الذي نشيد به.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2023.

المزيد من مقالات الرأي