تحديات ضوابط التصدير «4 من 4»

وبشأن مواطن ضعف جديدة فمن الملاحظ أن العقوبات الاقتصادية وقيود التصدير المختلفة، التي نشأت في سياق الحرب الروسية - الأوكرانية لها انعكاسات خطيرة على الاقتصادات النامية "غير المنحازة". فكيف يمكن لمنظمة التجارة العالمية مساعدة الدول ذات القدرات المحدودة على خوض غمار هذه البيئة الاقتصادية الجديدة؟ من حيث المبدأ، نجد أن دلاا كثيرة ترغب على الأرجح في البقاء على الحياد. ولكن في الواقع العملي، يتعين اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع الدول من ارتكاب أخطاء عن غير قصد فتتعرض للجزاءات في هيئة عقوبات اقتصادية ثانوية. وهناك ثلاث حالات مختلفة تفسر مدى تعقيد هذه المسألة.
أولا، لننظر في منتجات الغذاء والأسمدة، وهي المنتجات، التي تعد روسيا من أكبر مورديها في العالم. فمن شأن استبعاد القمح الروسي، على سبيل المثال، من الأسواق العالمية أن يضر بالأمن الغذائي العالمي. ومن البداية، كانت الدول القائمة على فرض العقوبات تحاول أن توضح مشروعية تداول تلك المنتجات. وستنطوي العقوبات الاقتصادية على إعفاءات بالنسبة لهذه المنتجات وغيرها من السلع الإنسانية.
ثانيا، التجارة في النفط الخام والمنتجات البترولية تتسم بقدر أكبر من التعقيد. فمن شأن سحب إمدادات الطاقة الروسية من الأسواق العالمية أن يرفع الأسعار ويفرض الضغوط على الاقتصاد العالمي، لذلك وضعت اقتصادات مجموعة السبعة خطة تشجع الدول على شراء تلك المنتجات الروسية شريطة عدم تجاوز المعاملات سقفا معينا للأسعار. ولكن اتباع هذه العملية له طبيعة مخادعة. ويتعين على الدول المحتمل قيامها بالشراء مواكبة ما يستجد من معلومات. فمستوى سقف الأسعار قد يتغير. ولكن الفرق بين الدول القادرة على التعامل بذلك السعر ـ وهو أقل كثيرا من سعر الحصول على منتجات الطاقة من مصادر أخرى ـ قد يكون ضخما اقتصاديا، ومن ثم سيكون مجديا، من منظور التنمية الاقتصادية فيها.
ثالثا، هناك سلع أخرى ثنائية الاستخدام تخضع التجارة فيها لقيود صارمة. ولنأخذ على سبيل المثال مدخلات الإنتاج عالية التقنية، مثل أشباه الموصلات، وهي عادة صغيرة جدا ومدمجة في أشياء أخرى ويمكن استخدامها لأغراض "ثنائية الاستخدام" مدنية وعسكرية على السواء. فعندما تقوم الولايات المتحدة بإرسال منتجات خاضعة لقيود التصدير إلى دولة ثالثة، يحظر على هذه الدولة عادة بموجب القانون الأمريكي إعادة تصدير تلك السلعة إلى دول أخرى ـ مثل روسيا أو إلى مستخدم نهائي معين في روسيا، مثل موردي المعدات العسكرية.
غير أن الشركات في الدول الثلاثة تواجه حوافز اقتصادية قوية للدخول في عمليات مراجحة، وتيسير هذا التبادل التجاري في نهاية الأمر. ولكن إذا لم تكن حكومتها طرفا في التحالف الذي يفرض العقوبات الاقتصادية، فإنها قد لا تستوعب العواقب الكاملة لمشاركتها في تلك المعاملات.
ويرجح أن تكون تلك الدول بحاجة إلى المساعدة في تفهم حقوقها وما تواجهه من مفاضلات على أساس اختياراتها. فقد ترغب حكوماتها، على سبيل المثال، في القيام بإجراءات فحص داخلية لمنع شركاتها من إعادة تصدير مثل تلك المنتجات. ومن جهة أخرى، في غياب المشورة القانونية، فإن هذه الدول قد تغالي في الامتثال للعقوبات. فمن شأن عدم المتاجرة حيثما تكون مشروعة أن يكون مكلفا أيضا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي