default Author

رائد في عالم الصيرفة المركزية «3 من 4»

|

في بحث شهير صدر 1997، أوصى سفينسون بأن تختار البنوك المركزية مسارا لأسعار الفائدة الحالية والمستقبلية يجسد تنبؤات "جيدة" للتضخم والتوظيف من أجل توجيه الاقتصاد بمرور الوقت إلى معدل التضخم المستهدف والتوظيف الكامل. ويوضح سامنر، الأستاذ في جامعة جورج ميسون، "لنفترض أن هدفك للتضخم -2 في المائة. عليك إذن أن تحدد سياساتك بحيث تمثل ما تتنبأ به أيضا من أنك ستصل إلى معدل تضخم قدره 2 في المائة... إنها مسألة يسهل إدراكها بالفطرة. فلماذا لا تحدد مسارا لمستقبل أسعار الفائدة الأساسية يمثل توقعاتك لنجاح السياسة؟".
مع ذلك، فقبل هذا العمل الذي قام به سفينسون، كانت البنوك المركزية تميل إلى افتراض مسار لأسعار الفائدة الأساسية من شأنه أن يبلغ بها معدلا أقل من مستهدفات التضخم أو أعلى منها. وعن هذا كتب سامنر، "بدا الأمر وكأن ربان سفينة يعبر المحيط الأطلنطي وثبت الدفة في وضع من المتوقع أن تكون معه السفينة قد بعدت بمسافة 200 ميل عن مسارها المحدد عند وصولها الجانب الآخر من المحيط".
وبدأت بعض البنوك المركزية، مثل البنك المركزي النرويجي، والبنك المركزي السويدي، والبنك الوطني التشيكي، نشر مساراتها المحددة لأسعار الفائدة، عملا بتوصيات سفينسون، واقتداء بالبنك المركزي النيوزيلندي. واعتمد عديد من البنوك المركزية الأخرى ممارسات متوافقة إلى حد كبير مع هذا الاتجاه. ويقول روبرت تيتلو، المستشار الأقدم في مجلس الاحتياطي الفيدرالي وأحد مساعدي سفينسون، إن عمل سفينسون ساعد على إيجاد منهج أكثر استشرافا للمستقبل في التعامل مع السياسة النقدية، وولد رغبة في الابتكار في أوقات الأزمات.
وقال تيتلو لمجلة "التمويل والتنمية": "عند تقديم المشورة لمسؤولي البنك المركزي، كان لارس قادرا على الاحتفاظ دائما بهدوئه لدرجة خارقة، لكنه كان صعب المراس، وكان مهذبا لكنه كان صريحا". ويتذكر فيليب تيرنر، أحد كبار المسؤولين السابقين في بنك التسويات الدولية أنه "في مؤتمر أقامه بنك اليابان في 2000، كان سفينسون من أوائل من حثوا على اتخاذ إجراءات جذرية على صعيد السياسة النقدية". ففي دراسة قدمها سفينسون في ذلك المؤتمر، قال بلا مواربة، "لقد خسرت اليابان بالفعل عقدا من الزمن بسبب الركود الاقتصادي والانكماش". وأضاف أنه "مع استمرار السياسة السيئة، قد تخسر عقدا آخر".
آتت تحسينات إدارة السياسة النقدية التي دعا إليها سفينسون وآخرون ثمارها أثناء "الكساد الكبير". فسرعان ما تحولت البنوك المركزية إلى اتخاذ إجراءات من المرجح أنها ساعدت على تجنب نوبة أخرى من "الكساد الكبير". إذ قامت بتخفيض حاد لأسعار الفائدة، ما أوضح أنها ليست "مهووسة بالتضخم"، وأنها تأخذ هدف تحقيق التوظيف الكامل على محمل الجد. وأشارت إلى الأسواق بأنها تتوقع إبقاء أسعار الفائدة "منخفضة لمدة طويلة"، مع إعطاء توجيهات مسبقة تتماشى إلى حد بعيد مع روح المشورة التي قدمها سفينسون بشأن الشفافية.
غير أن "الركود الكبير" كان عميقا حتى إن البنوك المركزية واجهت مأزقا لم تدر معه ماذا عساها تفعل بعد أن خفضت بالفعل أسعار الفائدة الأساسية إلى الصفر، وأشارت إلى أنها تعتزم إبقاءها في هذا المستوى لفترة؟ ودعا سفينسون إلى التحرك نحو أسعار فائدة سالبة، وفرض رسوم على الودائع بهدف دفع البنوك إلى توفير القروض لتشجيع الإنفاق.
وكتبت صحيفة "فاينانشيال تايمز" آنذاك أن "أشد مناصري هذه السياسة هو لارس سفينسون، نائب محافظ البنك المركزي السويدي، وهو خبير يتمتع بشهرة عالمية في نظرية السياسة النقدية وأحد زملاء بن برنانكي المقربين". واتخذ البنك المركزي الدنماركي تلك الخطوة الجريئة بالتحول إلى أسعار فائدة سالبة في 2012، ثم حذا حذوه البنك المركزي الأوروبي وعدد من البنوك الأخرى.
ويرى بعض خبراء الاقتصاد أنه رغم كون أسعار الفائدة السالبة مسألة خلافية، فقد أدت إلى توسيع نطاق الأدوات المتاحة للبنوك المركزية. ويقول كينيث روجوف، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، إنه "إذا طبقت أسعار الفائدة السالبة على نحو صحيح فستعمل على نحو مماثل للسياسة النقدية العادية، فتعزز الطلب الكلي وترفع معدل التوظيف في الأزمات المستقبلية"... يتبع.

إنشرها