البيانات من الناس وإلى الناس .. منهج وحوكمة «4 من 4»

رغم أنه يجوز لأي بنك استجابة لطلب من العميل تبادل البيانات المتعلقة بسجل نفقات ذلك العميل في حالة طلبه الحصول على ائتمان، فإنه يظل على غير علم بالغرض من الطلب وهوية الكيان الذي يحصل على البيانات.
ومنذ بدء تشغيل هذا النظام في القطاع المالي في الهند خلال العام الماضي، يمكن الآن لنحو 1.1 مليار حساب فردي على النظام جني الثمار من قيمة بياناتهم. وتوضح التجارب الفردية أن النظام خفض إلى حد كبير زمن الحصول على الائتمان، من شهور إلى أيام. وعلى سبيل المثال، نجد أن الشركة الصغيرة التي واجهت صعوبات شديدة في السيولة عندما أصبحت خططها التوسعية غير عملية بعد ظهور جائحة كوفيد- 19، قد تمكنت من الحصول على التمويل وتجنب الإفلاس بفضل بياناتها المالية التي يمكن مبادلتها بسهولة.
مع ذلك، لم تكن رحلة الهند خالية من التحديات. ففي غياب قانون وطني لحماية البيانات، تم وضع إطار الموافقة على البيانات في البلاد تحت الإشراف التنظيمي للبنك المركزي، بدلا من هيئة تنظيمية متخصصة في حماية البيانات. ويشير مشروع قانون جديد في الهند، على وجه التحديد، إلى الاختصاصات التقنية والتنظيمية لمدير الموافقات، وهي عنصر أساسي في إطار بنية تمكين الوصول إلى البيانات وحمايتها، وعندما يتم إقراره، سيكون له دور بالغ الأهمية في تشكيل الأسس التنظيمية والرقابية لهذه البنية.
حوكمة البيانات
إن الاستنتاجات المستخلصة من التجربة الهندية، وبشكل أعم تجارب كثير من الدول ومناطق الاختصاص في جميع أنحاء العالم -أستراليا وسنغافورة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال لا الحصر- أظهرت أهمية البيانات لتحقيق نتائج عادلة وملموسة للمواطنين. ومن السمات الرئيسة للبنية التحتية الرقمية العامة، أنه يمكن تصميمها لتمكين الأفراد والشركات من استخدام بياناتهم لمصلحتهم الخاصة. وتشير تجربة الهند إلى أن الالتزام بما يلي سيكون غاية في الأهمية للدول الأخرى التي ترغب في اعتماد بنية تحتية رقمية عامة:
•ينبغي أن يكون للمواطنين الحق في الوصول إلى بياناتهم واستخدامها، أينما كانت، لمصلحتهم الخاصة، وأن تكون قواعد الوصول إلى البيانات واستخدامها عملية وواضحة، وتسمح للمستخدمين بالوصول إلى بياناتهم ومبادلتها بموافقتهم، وبتكلفة معقولة، وبطريقة تحترم خصوصيتهم وأمنهم. كما يجب أن يكون هذا النظام رقميا، وأن يتم دمج مبادئ حماية البيانات في التكنولوجيا، بالنظر إلى الكمية الكبيرة من البيانات المعنية والحاجة إلى حفظها آمنة مع إبقاء تكاليف المعاملات منخفضة.
وفي الماضي القريب، قام كبار صناع السياسات في أستراليا وفرنسا والهند واليابان ورواندا وبنك التسويات الدولية والمفوضية الأوروبية بمناقشة مناهج تمكين الوصول إلى البيانات، وأكدوا أهمية تعزيز هدفي السياسة المتمثلين في الخصوصية والابتكار القائم على البيانات من خلال بروتوكولات تقنية مفتوحة وقابلة للتشغيل البيني. وأصبحت حوكمة البيانات أيضا عنصرا أساسيا في بعض مبادرات التجارة الإقليمية الجديدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والمثالان الأخيران على ذلك هما اتفاق شراكة الاقتصاد الرقمي بين شيلي ونيوزيلندا وسنغافورة والإطار الاقتصادي من أجل رخاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وستكون البنية التحتية الرقمية العامة وتمكين الوصول إلى البيانات من الموضوعات الأساسية التي سيتم تناولها في ظل رئاسة الهند مجموعة العشرين في 2023. ولتحقيق تقدم على مستوى العالم، هناك حاجة إلى آلية حوكمة عالمية لدعم معايير التكنولوجيا المفتوحة، والتنسيق التنظيمي بين عديد من الأطراف المعنية، والاعتماد القابل للتشغيل البيني. وعلى وجه الخصوص، يعد التنسيق الدولي ضروريا لحوكمة المعاملات عبر الحدود بصورة مرضية. ومن المبكر جدا الحديث عن معايير مشتركة لحوكمة البيانات، لكن المحادثات في الأوساط غير الرسمية وفي المؤسسات الدولية حول المعاملات العامة لهذه المعايير بدأت بالفعل.
وبالنظر إلى المستقبل، يتعين على المجتمع العالمي تشجيع هذه المحادثات، وتشجيع الدول ذات الفكر المتماثل على تبادل خبراتها وتوسيع حدود أفضل الممارسات في حوكمة البيانات، فاستمرار نقص المؤسسات التي تمثل المصالح العالمية في الساحة الرقمية يعد فجوة كبيرة في البنيان الدولي الحالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي