الأخلاقيات الجديدة في معالجة الديون «3 من 4»

تشير تقديرات مؤسسة Experian، ومكتب الحماية المالية للمستهلك في الولايات المتحدة، إلى أن نحو 10 في المائة من سكان المملكة المتحدة، ونحو 15 في المائة من سكان الولايات المتحدة، لديهم سجلات ائتمانية محدودة أو ليست لديهم سجلات ائتمانية على الإطلاق، "يطلق عليهم أيضا اسم ذوي السجلات الائتمانية غير المنظورة"، ولا يمكنهم الحصول على ائتمان ميسور التكلفة، وهذا الرقم أكبر مرات عدة في الاقتصادات النامية. فوفقا لمؤشر الشمول المالي العالمي الصادر عن البنك الدولي، يعاني أكثر من 90 في المائة من الذين يعيشون في جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء، عدم إمكانية الحصول على الائتمان من مصادر رسمية.
ونظرا إلى أن هؤلاء المستهلكين هم في الغالب أفراد المجتمع الأقل حظا من الأقليات العرقية والفئات الأقل دخلا عادة، فإن تحسين إمكانية حصولهم على الائتمان يدعم الشمول المالي ويعزز العدالة -والكفاءة أيضا- في أسواق القروض الاستهلاكية. كذلك فإن الإقراض القائم على استخدام البيانات والخوارزميات من المرجح أن يدعم العدالة من خلال الحد من أشكال التمييز المباشر الأكثر اعتمادا على الحدس عند منح القروض، كالتي ترجع إلى تفضيلات مسؤول القروض "البشري" القائمة على نوع الجنس أو العرق، إضافة إلى ذلك يمكن أن يؤدي تحسين إمكانية الحصول على الائتمان والفرص المقترنة به، إلى تعزيز استقلالية المستهلكين وكرامتهم.
وعلى نطاق أوسع من المرجح أن تؤدي رقمنة الإقراض وأتمتته إلى زيادة الشمول المالي عن طريق تخفيض تكاليف المعاملات وزيادة جدوى منح المقرضين للقروض صغيرة القيمة، والوصول إلى المستهلكين الذين يتم استبعادهم عادة من الاقتراض بسبب بعد أماكن وجودهم على سبيل المثال، وعدم وجود فروع للبنوك في الصحارى المصرفية. كذلك، يمكن للتكنولوجيا المعتمدة على البيانات أن تدعم الشمول المالي من خلال تحسين وعي المستهلكين بالمسائل المالية وإدارتهم ديونهم الشخصية. فعلى سبيل المثال، يمكن لميزة أتمتة عمليات الادخار وسداد الديون في عديد من تطبيقات التكنولوجيا المالية في مجال الائتمان أن تساعد على التغلب على بعض التحيزات السلوكية الأكثر شيوعا التي تقوض الإدارة السليمة للشؤون المالية الشخصية.
وبشان إعادة صياغة التنظيم، فإن صعود تعلم الآلة والإقراض المحول إلى بيانات يجعلان أخلاقيات الديون أكثر دقة بكثير. ويتمثل التحدي الحقيقي الذي يواجه الجهات التنظيمية في إيجاد التوازن الصحيح بين منافع الإقراض المحول إلى بيانات وأضراره، حيث تجب عليهم حماية المستهلكين من أكبر أضراره -من حيث الخصوصية والتمييز غير العادل والاستغلال- مع استمرار حصولهم على أهم منافعه، ولا سيما تحسين إمكانية الحصول على الائتمان والشمول المالي. غير أن الأطر التنظيمية الحالية التي تحكم أسواق القروض الاستهلاكية والإقراض المحول إلى بيانات في أماكن مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا تحقق التوازن الصحيح. فهي تحديدا لا تخفف بشكل كاف أضرار الإقراض المحول إلى بيانات التي تلحق بالخصوصية والاستقلالية والكرامة.
إن المنهج السائد لتنظيم خصوصية المستهلكين في هذه الأماكن هو منهج فردي بشكل واضح، حيث يعتمد على موافقة المستهلكين على جميع جوانب معالجة البيانات والإدارة الذاتية لخصوصيتهم من خلال -على سبيل المثال- ممارسة حقهم في الوصول إلى بياناتهم وتصحيحها ومحوها. غير أن هذا المنهج لا يمكنه حماية المستهلكين في أسواق القروض الاستهلاكية الأكثر اعتمادا على البيانات... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي