التقنية المالية ودورها في تعزيز ثقافة الادخار

التقنية المالية تطورت بشكل كبير عالميا وأصبحت منافسا في القطاع المالي، بل أصبحت بعض المؤسسات المالية والبنوك مضطرة لمجاراة هذه التقنية والدخول فيها مستثمرا أو شريكا نظرا للإقبال الكبير عليها عالميا وفي المملكة وفي ظل التحول الكبير في التقنية لدى المجتمع من خلال البرامج الحكومية والتطور الكبير في الخدمات سواء في القطاع المالي أو التجارة، ما جعل التقنية جزءا من حياة كل فرد في المجتمع تأخذ نسبة كبيرة من حجم تعاملاته.
قطاع التقنية المالية تميز بكثير من الميزات التي تجعل من العميل أكثر ميلا إلى التعامل معها، حيث تتميز بعض مؤسسات التقنية المالية بسهولة التعامل حيث إن إجراءات التسجيل سهلة وميسرة وليس فيها شيء من الغموض الذي تتكرر معه الأخطاء في خطوات التسجيل، ما يؤدي بالعميل إلى أن يترك التعامل مع تطبيقات البنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي يصعب التعامل معها فيما يتعلق بالتسجيل وبخطوات التعامل سواء الاشتراك في الصناديق أو شراء الأسهم أو فهم نموذج الاستثمار ونوعه في الصناديق التي تطرحها تلك المؤسسات المالية، ما يجعل كثيرين يتجنبون التعامل مع مثل هذا النوع من العمل التقليدي الذي قد يجهل التعامل معه حتى المختصون، كما تتميز مجموعة من مؤسسات التقنية المالية بأنها تطرح خيارات الاستثمار بأسلوب واضح يجذب فئة الشباب التي قد تكون ثقافتها المالية ما زالت ضعيفة إلا أنها تستمتع بالتعامل مع التطبيقات المتطورة تقنيا، وعند تجربة بعض هذه التطبيقات يبدأ بأسلوب سهل للتسجيل ومن ثم مجموعة من الخيارات للعميل لتحديد مستوى المخاطر التي يمكن أن يتحملها العميل ومن ثم نسب الاستثمار بين الأسهم والصكوك الاستثمارية والعقارات والسلع حيث يكون لدى المستفيد معرفة بطبيعة الاستثمار دون الحاجة إلى التعمق أكثر في تفاصيل تلك الاستثمارات وبالاستعانة بهذه التطبيقات مع مجموعة من الخبراء في القطاع المالي يتم تحديد نوع الاستثمار وفق آلية تلقائية يتم توزيع الاستثمار على أساسها حيث إن العنصر البشري لا يتدخل وفق خيارات متغيرة بل النظام نفسه يزيد من حجم الاشتراكات مباشرة وآليا وبالنسب نفسها وتستمر هذه العملية مع كل اشتراك أو انسحاب.
تتميز هذه العملية بتسهيل موضوع الاستثمار للشباب كأنهم يتعاملون مع تطبيق مألوف لديهم مثل تطبيق أبشر أو شركات توصيل المطاعم أو المتاجر الإلكترونية المتطورة، كما تتم عملية السحب والإضافة بشكل سهل ومبالغ صغيرة نسبيا وبالتالي فإن ذلك يجعلهم يستثمرون دون انتظار وجود مبلغ كبير، إضافة إلى الاستثمار المستمر الذي يكون شهريا على سبيل المثال.
لا شك أن البنوك والمؤسسات المالية عموما لن تلاحظ تغيرا في هذه المرحلة باعتبار أن هذه الأموال في الأساس ستودع في البنوك بشكل أو آخر، حيث إن هذه الاستثمارات سيتم إيداعها في حسابات بنكية فترات معينة إلا أن مع الوقت سيخفف الإقبال على الحصول على التمويل في المؤسسات المالية التي لا تقدم نموذجا مشابها إضافة إلى أنه ستخف أيضا الاستثمارات في الصناديق المعتادة إذ إن خدمات التقنية المالية تكاليفها منخفضة مع الوقت خصوصا إذا ما تضاعفت أعداد المستثمرين كما أنها ستكون أكثر اعتمادا على نفسها كلما زاد مركزها المالي.
لا يمكن الحديث عن أن هذا تهديد للبنوك والمؤسسات المالية على المديين القصير والمتوسط لكن على المدى الطويل فإن مثل هذه الخيارات قد تسحب حصة كبيرة من المؤسسات المالية الأخرى حيث إن هذه المؤسسات لديها خيارات محدودة لتستثمر أموالها، ويميل التنفيذيون فيها إلى التحفظ بصورة أكبر بدلا من المغامرة، وفي حال لم تستثمر في قطاع التقنية المالية بأسلوب جذاب للجيل الجديد ستجد يوما ما أنها بعيدة عن المشهد وغير قادرة على النمو.
الخلاصة: إن التقنية المالية تقدم اليوم حلولا نوعية للاستثمار خصوصا لدى فئة الشباب الذين اعتادوا على سهولة التعامل مع التطبيقات إضافة إلى تقديم الخيارات التي تجيب على السؤال الذي يتبادر إلى ذهن المستثمر البسيط، كما أن فئة الشباب الذين يعتمدون بصورة أساسية على الدخل من خلال الراتب بحاجة إلى خيارات استثمارية بمبالغ صغيرة، ووجود شركات تقوم بهذه الخدمات حاليا سيجذب كثيرا من الشباب إليها حيث تشكل رؤوس أموالهم مبالغ محدودة حاليا لكن ستتعاظم هذه الحصة مستقبلا وستكون على حساب المؤسسات المالية الأخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي