شهر القرآن

دخلت المسجد لصلاة العشاء في متمم شهر شعبان لأجد نفسي أبحث عن موقع في مسجدنا الذي كان بالكاد يتم فيه صفان من المصلين. هذه ظاهرة حسنة وتعني أن الناس يستبشرون بمقدم هذا الضيف الغالي الذي قد يكون فاتحة خير للجميع.
إن كان الناس في عوالم أخرى يضعون قرارات بداية العام عند تواريخ ميلادهم أو بدايات الأعوام كطريقة لتحفيز الذات والخروج من النمطية والتغيير الإيجابي، فالمسلمون يجدون في رمضان أكبر حافز للتغيير ففيه الرحمة والتعاون وتتجلى فيه أسمى معاني الدين الإسلامي ومقاصده الخيرة.
يتحد المسلمون في رمضان على حب الصدقات والتبرع للمحتاجين والبحث عنهم. هنا ينبغي أن نذكر بأهمية الحرص والتأكد من مسارات الصدقات والتأكد من وصولها إلى المستحقين، فالمؤمن كيس فطن، ومع ما نشاهده من عمليات النصب والاحتيال، ينبغي أن تكون لدينا القدرة على التمييز بل الحرص على الوجود مع المحتاجين وبحث حاجاتهم وهناك من الجمعيات الخيرية من يظن فيهم الخير، وهذا لا يغني عن التواصل الشخصي مع الأسر المحتاجة للتعرف على ما يمكن أن يجعل حياتهم أسهل. يحضرني في المجال ما يتم في دولة سنغافورة وهي التي تمكنت من إلغاء الفقر بين الأسر المسلمة من خلال برامج دعم تشمل التعليم والصحة إضافة إلى توفير الاحتياجات المادية والمساكن.
تتسامى القيم الرمضانية في هذه الأيام ويصبح المسجد المركز الأهم الذي يزوره الجميع، من المهم أن يعمل مسؤولو إدارة المساجد على جذب مزيد من سكان الأحياء وهذا يعني تحديا كبيرا، وناتجه ما يمكن أن نشاهده بعد رمضان، فما يتحقق في رمضان هو نتيجة الروحانية التي يشعر بها الجميع، وما يحدث بعد انقضاء عشرة أيام من الشهر هو اختبار مرحلي لقدرة المسجد على جذب المصلين التي يمكن أن تشهد بكفاءة الإمام والمؤذن وكبار الساكنين في الأحياء وقدرتهم على صنع مجتمع متحاب متعاون.
القرآن هو عمود رمضان ففيه نزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه يجد المسلم كل السكينة والراحة وفيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا أو كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
جعل الله السكينة في قلوبكم وتقبل منكم إنه سميع قريب مجيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي