التجارة الخضراء من أجل التنمية «1من 2»

من السهل أن نرى كيف تسهم التجارة الدولية في تغير الظواهر الطبيعية والبيئية، فالسفن والشاحنات والطائرات التي تنقل البضائع في أنحاء العالم تسهم في الانبعاثات الطبيعية. ويمثل إنتاج السلع التي يتم تداولها دوليا، على سبيل المثال، المواد الغذائية مثل القمح والذرة والحديد والصلب والأسمنت مصادر للانبعاثات. وإجمالا، يرجع السبب في 25 في المائة من الغازات إلى حركة التجارة العالمية.
والتجارة تشكل أيضا جزءا حيويا من الحل لمشكلة تغير المناخ. ففي حالة حدوث عاصفة أو فيضان، فإن التجارة توفر إمدادات من الأغذية والأدوية والسلع اللازمة لإعادة البناء. ومن خلال التجارة يتم توزيع الخدمات والتكنولوجيات والسلع التي يمكن أن تقلل من الانبعاثات، مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.
ووفقا لما ورد في تقرير صدر في الآونة الأخيرة عن البنك الدولي، تقع الدول منخفضة ومتوسطة الدخل في بؤرة العلاقة بين المناخ والتجارة، وقد نمت انبعاثات هذه الدول السنوية مجتمعة بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي في الأعوام 2010 ـ 2018. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السعي لتحقيق أهدافها الإنمائية في العقود الأخيرة، على الرغم من أن المجموع الكلي لانبعاثاتها لا يزال أقل من مساهمة أكبر الدول المسببة للانبعاثات، وهي الصين والولايات المتحدة، وهذه الدول تمثل جزءا ضئيلا من الانبعاثات التاريخية. واقتصادات هذه الدول هي الأكثر عرضة لآثار التغير البيئي ويعتمد كثير من هذه الدول اعتمادا كبيرا على الزراعة والسياحة، وهما قطاعان يتأثران بارتفاع درجات الحرارة وارتفع منسوب سطح البحر. والأهم أن كثيرا من هذه الدول لديها موارد محدودة لا تكفي للتكيف.
ولقد أتيحت لي الفرصة في الآونة الأخيرة للقاء أشخاص في المجتمعات المحلية في فيتنام ومعرفة كيف يسعون جاهدين إلى إنتاج وتصدير الأرز "منخفض الكربون" الذي يستخدم كميات أقل من المياه والأسمدة، ويزيد الغلة والدخل، ويحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وستكون لكل بلد أولويات واحتياجات مختلفة للاستجابة لتغير المناخ. ويتركز أهم قطاعين في فيتنام، الزراعة والصناعة، في الأراضي المنخفضة الساحلية والدلتا وهما عرضة لمخاطر العواصف الاستوائية ومخاطر ارتفاع منسوب سطح البحر. من ناحية أخرى، فإن إثيوبيا معرضة للجفاف، وهو ما يشكل مخاطر كبيرة على قطعان الماشية التي تعد مصدرا مهما للدخل لكثير من سكانها البالغ عددهم 115 مليون نسمة.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى انخفاض غلة المحاصيل وإنتاجية الأيدي العاملة الزراعية في الدول منخفضة الدخل. ووفقا لإحدى الدراسات، فإن زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة تؤدي إلى انخفاض صادراتها الزراعية 39 في المائة، وانخفاض الصادرات في الدول مرتفعة الدخل بنحو أقل من 6 في المائة. ومن المتوقع في 2030، أن يتعرض 70 مليون شخص آخرين لمخاطر الجوع بسبب تغير المناخ، ومعظمهم في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة جنوب آسيا.
وتشير التوقعات إلى أن التجارة ستؤدي دورا متزايد الأهمية في تحقيق الأمن الغذائي. ويمكن لتدابير سياسات التجارة الحكومية أن تعزز الزراعة المستدامة بتعزيز تعميم التكنولوجيات الجديدة القادرة على زيادة غلة المحاصيل، مثل الأنواع الجديدة من الأسمدة وأصناف البذور المقاومة للتغير البيئي. ويمكن أن يساعد تحسين توفير التكنولوجيات والبيانات الرقمية المزارعين على تقليل الهدر والفاقد... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي