بدأنا وواصلنا
لحسن حظي أن أحد مواعيد مقالي هو الأربعاء، هذا الأربعاء تحديدا الذي يصادف ذكرى يوم التأسيس، يوم أن بدأت قصتنا في هذا الوطن، وتلتها قصصنا على مدى ثلاثة قرون.
منذ بدأت القصة وكل شيء يتشكل ويتجذر فينا، يتحرك أو يثبت والنتيجة هي ما نحن عليه اليوم، وما نحن عليه جيد وجميل، لأن أساسنا كان جيدا وجميلا، ودائما ما يبنى على الحق والصدق يثبت ويعمر وتصبح عراقته ألقه الذي لا يشيخ.
ثلاثة قرون تشكلت فيها البلاد، توحدت، ونمت، وكافحت، وجاعت، وشبعت، وأطعمت القانع والمعتر، تشكلت فيها الناس والعادات والتقاليد والمفاهيم والأنظمة والقوانين والأمثال والحكايات والمأكولات والأنغام، والشعر والرياضة وكل شيء نعرفه، لتصبح مجتمعة هويتنا التي هي مصدر قوتنا، ألفتنا التي هي مصدر سعادتنا.
الإنسان بلا جذور يكون أكثر هشاشة، ونحن ولله الحمد كتب أسلافنا تاريخا ناصعا، في الحقيقة هم صنعوه ليكتب الآخرون عنه، يروون حكايات عن الأرض والإنسان، الحاكم ومواطنيه، ونحن بدورنا نتابع هذه المسيرة، ونستأنف الفخر بالكتابة، واللوحة والقصيدة، ومن قبل ذلك ومن بعده بالحفاظ على هذا الوطن، وهذه الهوية.
في كل الحقب التي مرت منذ 1727 كان هناك فهم صحيح للعلاقة بين الوطن والمواطن، فهم تبلور بالتجربة وتطور الحياة، فهم بأنها علاقة تكاملية، وإخلاص متبادل بين القيادة والناس حقق معاني السعادة، ورسخ الفهم والوعي بأمن الوطن واستقراره، والعمل على تنميته والازدهار به وبأبنائه، وتكامل الأدوار بين الكل الوطني بقيام الحاكم والفرد وكل مؤسسة بالدور المنوط به على أتم وأكمل وجه.
من أسباب سعادتنا وجود هذا الفهم، الفهم الذي نتج عنه راحة المواطن، واستقراره، وبناؤه لذاته وتحقيقه الإبداع في هذا البناء وخدمة وطنه في شتى المجالات والتخصصات، ليستغني هذا الوطن بأبنائه عن غيرهم ويقوى نسيجهم الاجتماعي وجبهتهم الداخلية.
إخلاص السعوديين لوطنهم وقيادتهم تميز بأنه إخلاص طوعي، مشوب بقناعة راسخة، ويرتكز على الولاء، والولاء لا يكون إلا عن محبة ورضا، كما يقول علماء اللغة الذين يعدونه أعلى درجة من الانتماء، لكونه ينبثق من عاطفة الإنسان الصادقة والذاتية.
كل عام ووطننا وقيادتنا وناسنا بخير، وحب، ومزيد من الرسوخ على دروب التقدم والقوة، وكل عام ونحن نحتفي بتأسيس بداياتنا متطلعين إلى آفاق أمامنا صنعناها معا جنبا إلى جنب وقلبا مع قلب في قالب واحد اسمه المملكة العربية السعودية.
إنه يوم بدأنا فيه، وواصلنا، ولن ننتهي أبدا بإذن الله.