Author

صناديق سعودية ببرامج 2030

|

تبين التقارير الدورية الصادرة من المجلس العالمي للسفر والسياحة WTTC الأثر الاقتصادي لقطاع السياحة في 185 دولة و25 منطقة جغرافية أو اقتصادية في العالم، ولقد كان هذا القطاع قبل جائحة كورونا يمثل واحدا من كل أربع وظائف جديدة في جميع أنحاء العالم، و10.3 في المائة من جميع الوظائف "333 مليونا"، و10.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبلغ إنفاق الزوار الدوليين 1.8 تريليون دولار في 2019 "6.8 في المائة من إجمالي الصادرات"، ومع تأثر هذا القطاع بشكل أساسي بالجائحة، نظرا إلى سياسة الإغلاق التي انتهجها معظم دول العالم، فقد توقع كثير صعوبة تحقيق هذا القطاع تحسنا كبيرا بعد الجائحة، ومع ذلك، فإن التقارير الدولية تؤكد أن مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد زادت بمقدار تريليون دولار أي بنسبة تقدر بأكثر من 21 في المائة في 2021، وبعد أن انخفضت النسبة إلى 5.3 في المائة في 2020 بسبب القيود على السفر، شهد 2021 زيادة النسبة إلى 6.1 في المائة، وبينما تم فقدان 62 مليون وظيفة في عام الجائحة فقد تمت استعادة 18.2 مليون وظيفة في 2021، وهو ما يمثل زيادة قدرها 6.7 في المائة على أساس سنوي، وبعد انخفاض 47.4 في المائة في 2020، ارتفع إنفاق الزوار المحليين 31.4 في المائة في 2021، والزوار الدوليين 3.8 في المائة في 2021.
وأكدت هذه الصورة قدرة قطاع السياحة على استعادة قوته وقدراته الاقتصادية بشكل سريع، كما تشير الاستثمارات العالمية إلى تعاف كبير في عمليات الاستحواذ العالمية على الفنادق والمنتجعات حول العالم، وبشأن المستقبل، فإن توقعات المجلس العالمي تشير إلى تحسن ثقة المسافرين، وأن يسارع قطاع السفر والسياحة العالمي إلى تسريع وتيرة التعافي إلى 43.7 في المائة، مقارنة بـ2021، وإضافة عشرة ملايين وظيفة أخرى، وفي الأجل الطويل من المتوقع أن تنمو مساهمة السياحة والسفر في الاقتصاد العالمي بمتوسط معدل سنوي يبلغ 5.8 في المائة، وهو أكثر من ضعف متوسط معدل النمو السنوي 2.7 في المائة المقدر للاقتصاد العالمي.
من جهته، يؤكد البنك الدولي دور السياحة في اقتصادات الدول النامية وأهميتها في إنتاج الوظائف وتمويل الحفاظ على الأصول الطبيعية والثقافية، وزيادة التمكين والحفاظ على التنوع البيولوجي، وحماية التراث، وسبل العيش الصديقة للمناخ، كما أن هذا القطاع يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الأخضر، لكن لا يمكن تحقيق كل هذا ما لم تتم إدارة سلاسل القيمة وتوسع الطلب على المنتجات والخدمات الحالية والجديدة بشكل مناسب، وهنا يأتي دور التمويل الموجه الذي يستهدف تنمية القطاع بشكل أساسي، وتنمية جميع ممكناته، ولتحقيق هذا الهدف فقد أعلن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إطلاق صندوق الفعاليات الاستثماري برئاسته بهدف تطوير بنية تحتية مستدامة لدعم أربعة قطاعات واعدة وهي: الثقافة، السياحة، الترفيه، والرياضة، وبناء شراكات استراتيجية لتعظيم الأثر في القطاعات المستهدفة وزيادة فرص جذب الاستثمارات الخارجية.
وأكد عديد من الدراسات بأن هناك علاقة بين نمو السياحة في أي بلد وبين الأحداث والفعاليات الثقافية، فالسياح اليوم يسعون إلى التعرف على ثقافات وأنماط معيشية مختلفة، وفي هذا الشأن، فإن تعدد المحافل والأحداث والتنوع الثقافي في أي بلد، يعد محفزا مهما للسياحة، وعادة ما تحقق الفعاليات والأحداث الثقافية والرياضية اليوم زيادة في أعداد الزوار خلال الفترة التي تجري فيها الأحداث، مع زيادة ملحوظة في وصول التغطية الإعلامية، ولتحقيق هذا، فإن نوعية هذا الصندوق الذي أعلن يسعى بشكل أساس إلى الاستثمار في المشاريع ذات الصلة بالمعارض الفنية والمسارح ومراكز المؤتمرات ومضامير سباق الخيول، وميادين الرماية وسباق السيارات وغيرها من الأصول في أنحاء المملكة، وذلك من أجل المساهمة في تعزيز مكانتها، كمركز عالمي للفعاليات والأحداث المتنوعة المرتبطة بهذه القطاعات، من خلال توفير بنية تحتية مستدامة وعالمية المستوى، تتيح الفرصة لتقديم برنامج متميز من الأحداث والأنشطة يلبي الطموحات الوطنية، ويسهم في تحقيق عوائد مالية مستدامة، من شأنها أن تشكل عامل دعم وتمكين لجهود ومسيرة التنويع الاقتصادي في المملكة.
وكما أشرنا أعلاه، فإن تنمية السياحة من خلال تنويع الفعاليات والأحداث واستدامتها طوال العام، يتطلب إدارة سلاسل القيمة وتوسع الطلب على المنتجات والخدمات الحالية والجديدة بشكل مناسب، ومن أجل تحقيق ذلك، فإن استراتيجية الصندوق سترتكز على تحسين البيئة والالتزام بأعلى معايير الحوكمة، وتأسيس بنية تحتية مستدامة مع تحسين فرص الاستثمار المباشرة للشركات والبنوك العالمية، والمساهمة في إجمالي الناتج المحلي بما يعادل 28 مليار ريال بحلول 2045، كما أن أعمال وأنشطة صندوق الفعاليات الاستثماري، تتواءم مع استراتيجية صندوق التنمية الوطني، التي أطلقت العام الماضي، بحيث تتحقق لنا حوكمة الاستثمارات التنموية المتنوعة، وبما يضمن أن تصبح جميع الصناديق التنموية قوة دفع ومحركا أساسيا للأهداف الاقتصادية والاجتماعية لرؤية 2030.

إنشرها