الدرعية .. تمكين ثقافي وسياحي
مع إعلان الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، ضم مشروع الدرعية لصندوق الاستثمارات العامة، فإن صندوق الاستثمارات العامة يقود المشهد التنموي والاقتصادي الوطني بكل تنوعه وتحركاته وامتداداته المشاريعية الكبرى، فإلى جانب هذا المشروع التنموي الضخم في الدرعية، يعمل الصندوق أيضا من خلال شركاته المختلفة على مشاريع تنموية عدة في كل أركان المملكة تقريبا من مشاريع نيوم المختلفة شمالا حتى شركة السودة للتطوير جنوبا، ومن شركة رؤى المدينة إلى رؤى الحرم المكي، إضافة إلى محفظة استثمارية تضم عديدا من الشركات المحلية وفق تصور استراتيجي لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 وتنويع الاقتصاد المحلي، عبر الإسهام في تطوير وتمكين قطاعات حيوية كقطاعي السياحة والثقافة، الأمر الذي يعزز مكانة المملكة إقليميا ودوليا.
وقد عمل الصندوق منذ الإصلاحات الهيكلية التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان عام 1436هـ بصدور قرار مجلس الوزراء رقم (270) المتضمن ربط الصندوق بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وإعادة تكوين مجلس الإدارة ليصبح برئاسة ولي العهد ثم تم إطلاق برنامج صندوق الاستثمارات العامة في الربع الرابع من 2017، بهدف تعزيز وضع الصندوق وجعله ذراعا أساسية لتحقيق رؤية 2030، ومحفزا اقتصاديا وعنصرا فعالا للاقتصاد المزدهر، فقد تجاوزت أصول الصندوق أربعة تريليونات ريال بنهاية 2021، ويعمل في 13 قطاعا رئيسا من خلال 66 شركة توفر أكثر من 500 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.
فالصندوق من خلال هذه المشاريع والشركات يحقق مستهدفات التنمية التي رسمتها الرؤية، دون أن يثقل على المالية العامة بل من خلال الإدارة الفاعلة للأصول المتاحة للصندوق وتنمية العوائد.
ويأتي مشروع الدرعية خامس المشاريع الكبرى التي يتولى صندوق الاستثمارات العامة تنفيذها، حيث لها سماتها الخاصة التي تجعلها متفردة عن كل مشاريع وبرامج الصندوق، فهي مصممة من أجل تحفيز الاقتصاد، وتمتد آثارها الإيجابية إلى ما هو أبعد من قضايا التنمية المعتادة بل تسهم بشكل صريح في تنويع الاقتصاد غير النفطي، من خلال قدرتها على تحقيق عوائد مرتفعة على المديين المتوسط والبعيد، كما أن هذه المشاريع الضخمة تعد الدعامة الأساسية من أجل تحقيق مفاهيم الإبداع والإلهام والاكتشاف والمشاركة للأجيال القادمة، هذه المشاريع تضم نيوم، وشركة البحر الأحمر للتطوير، ومشروعي القدية وروشن، ولأن مشروع الدرعية يحقق السمات نفسها التي تتوافر في هذه المشاريع الأربعة فقد جاء إعلان ضمه لهذه المشاريع الكبرى.
فمثل هذا المشروع يعمل على تحقيق تنمية اقتصادية كبرى من خلال إسهامه في استقطاب 27 مليون زائر محلي ودولي بحلول 2030 ويعد دعما للاستراتيجية الوطنية للسياحة التي تهدف إلى استضافة 100 مليون سائح من أنحاء العالم بحلول 2030، وهذا يتحقق للدرعية لكونها تزخر بمقومات ومعالم ثقافية وتراثية وسياحية، إضافة إلى ما تشكله من قيمة تاريخية وسياسية في تاريخ الدولة السعودية الممتد منذ 300 عام، وبهذا فإن مشروع الدرعية تجاوز الإطار التنموي المعتاد إلى بناء صرح سياحي ثقافي عملاق يحقق دعما واضحا لتنويع مصادر الدخل ويسهم في تنمية القطاع غير النفطي، وهذه السمة تظهر بشكل صريح مع ما يتوافر لمشروع الدرعية من قدرات لتمكين عديد من القطاعات المحلية الاستراتيجية، واستحداث الفرص للشراكة مع القطاع الخاص، وإطلاق مجموعة من الفرص الاستثمارية الجديدة عبر مختلف مراحل التطوير والتنفيذ، ومنها البناء والتشييد وتشغيل وإدارة الفنادق والوحدات السكنية ومراكز التسوق والترفيه والمرافق الثقافية، كما سيسهم المشروع في توفير الآلاف من فرص العمل، وتقديم مبادرات تسهم في رفع مستوى جودة الحياة في المنطقة.
وتأتي السمة الأهم من خلال ما يحتضنه المشروع من معالم المملكة الثقافية والتراثية، كحي الطريف التاريخي الذي يعد أحد المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وما يتاح للزوار من فرص التعرف على تاريخ المملكة والثقافة الأصيلة، ويحفز الإلهام والإبداع من خلال قدراته غير المحدودة على استضافة الفعاليات الكبرى والمسابقات العالمية في شتى الفنون العالمية.
هذه السمات الأساسية تجعل من مشروع الدرعية أحد المشاريع الخمسة الكبرى لصندوق الاستثمارات العامة، ما يمكن المشروع من الاستفادة بشكل كامل من منظومة صندوق الاستثمارات العامة، وقدراته على إدارة الفرص في البنية التحتية والعقار والسياحة، حيث إن كل هذه المشاريع العملاقة تشترك فيما بينها في هذه السمات المهمة إضافة إلى أنها ترتبط فيما بينها فيما يتعلق بالقطاعات التي تشترك فيها، ما يمكن من نشر المعرفة ونقل التجربة بين المشاريع بشكل سهل ويعزز فرص النجاح المشتركة، كما أن هيكل الصندوق الإداري يتمتع بالمرونة الكافية لاتخاذ قرارات التمويل التي قد تحتاج إليها المشاريع في أي مرحلة من مراحل العمل.