ثغرات النفايات الإلكترونية .. العقبة الكبرى
في سياق التركيز العالمي الذي لا يتوقف عن حماية البيئة، والوصول إلى أفضل وضعية للحفاظ على المناخ من التغييرات المتلاحقة، هناك جانب مهم في هذا المجال يتعلق بالمخلفات الإلكترونية التي باتت تمثل مخاطر متزايدة، ليس فقط على البيئة، بل على الأشخاص الذين يخزنونها مباشرة.
إلى جانب ذلك، هناك خسائر مادية كبيرة ناجمة عن التخلص غير المنضبط من المخلفات الإلكترونية، على اعتبار أنها تحوي معادن ثمينة مثل النحاس وغير ذلك من عناصر مكونة أخرى.
ومسألة التعاطي مع هذا النوع من المخلفات ليست جديدة، طرحت منذ عقود في ظل انتشار الأجهزة الإلكترونية المختلفة، وسهولة الوصول إليها مع تراجع تكاليف اقتنائها.
فالأجهزة التي كانت حكرا على شريحة معينة أصبحت في يد الجميع، بما في ذلك الهواتف الخلوية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة بأشكالها المتعددة، فضلا عن تلك المنزلية المختلفة.
ورغم التحذيرات التي لا تنتهي في ساحة المخلفات الإلكترونية، إلا أن العالم شهد بالفعل في الأعوام الماضية قفزات لافتة على صعيد التخلص الآمن والمفيد من الأجهزة الإلكترونية عموما. غير أنها ليست كافية لتحقيق الأهداف التي أعلنتها الجهات الدولية المختصة بهذا الشأن.
فبحسب منتدى النفايات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية الأخير الذي عقد في بروكسل ويمثل 45 منظمة مختصة، فإن حجم النفايات الإلكترونية على الساحة العالمية يبلغ 57.4 مليون طن.
ويؤكد المختصون، أن هناك 54 إلى 113 مليون جهاز هاتف خلوي يراوح وزنها بين عشرة و20 طنا، تقبع كمخلفات داخل المنازل.
وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا، لأن وجودها مخزنة لانتهاء صلاحيتها، يشكل مخاطر صحية، نظرا إلى وجود مواد كيماوية لا بد من التخلص منها بصورة احترافية آمنة.
وحتى في الدول الناشطة في التخلص الاحترافي من النفايات الإلكترونية "مثل الولايات المتحدة" لا تزال تعاني ثغرات واسعة بهذا الخصوص.
فهناك "وفق الجهات الرسمية" ما يزيد على 151 مليون هاتف يتم التخلص منها سنويا، ينتهي بها المطاف إما بالدفن وإما الحرق، ما يعمق الخسائر المادية والبيئية حقا، خصوصا إذا ما أضفنا أجهزة أخرى يتم رميها، مثل الغسالات والثلاجات والأفران الإلكترونية والمايكرويف، وأجهزة الاستقبال التلفزيونية وتلك التي تستخدم لتوصيل الإنترنت وغير ذلك.
هذا الحجم الهائل من النفايات، يصاحب تحركا ناشطا حقا على الساحة الدولية، لا يشمل فقط نشر الإرشادات والتوعية فحسب، بل يتضمن أيضا إقناع الشركات المصنعة للأجهزة الإلكترونية بإحداث تحولات عميقة في طبيعة الصناعة نفسها، عبر إعادة استخدام المعادن الثمينة والنادرة الوجود في هذه الأجهزة بشكل متواصل وبلا نهاية.
سيقلل هذا التحول بالطبع الحاجة إلى تعدين هذه المواد من الطبيعة.
لكن تبقى هناك كثير من الخطوات يجب على الجهات المختصة حول العالم القيام بها في المرحلة المقبلة، بما في ذلك تخفيف القوانين الخاصة بتفكيك الأجهزة.
فأغلب هذه القوانين تمنع المصانع من إعادة التفكيك وصهر المواد خوفا من الأضرار الناجمة عنها على البيئة.
وهذه النقطة تمثل العقبة الكبرى في الواقع في مجال وصول العالم إلى مستوى متقدم في مسائل تخص معالجة النفايات الإلكترونية. فإذا أرادت الحكومات أن تحقق نقلة نوعية حقيقية، عليها أن تعي أهمية استعادة المواد وإعادة صهرها واستخدامها في منتجات جديدة أخرى.
المشكلة الكبرى حاليا تكمن في أن نسبة كبيرة من الأجهزة الإلكترونية القديمة يتم تصديرها إلى دول فقيرة، حيث تجري معالجتها بعيدا عن معايير الأمان بالنسبة إلى البشر والبيئة.
وهذا ما يجعل الأمر أكثر تعقيدا في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى تأمين بيئة صحية ومناخ عالمي تستحقه الأجيال القادمة كما الحالية.