مسابقة «الانتباه»
اقتبس العنوان من مصطلح معروف هو "اقتصاد الانتباه" الذي هو باختصار طريقة لإدارة المعلومات والاتصال تتعامل مع انتباه الإنسان كسلعة مهمة، وفي بعض الأحيان كسلعة نادرة.
في هذا العصر الرقمي ترتفع قيمة الانتباه في ظل انفجار المعلومات والأخبار، فذهن الإنسان المتلقي له قدرة محدودة، وبالتالي فإن تقبل المزيد محدود أيضا، فيستخدم "الفلترة" أو ما أعده التركيز على جزئية معينة أو أجزاء محدودة، ويركز انتباهه، وربما تفاعله عليها.
الأحد الماضي صادف مناسبتين مهمتين، الأولى أنه كان اليوم العالمي للغة العربية، وهو يوم مهم يضاف إلى إنجازات السعودية وتسخيرها عضويتها في المنظمات الدولية، لتحقيق مكاسب حضارية يستفيد منها الجميع.
هذه المناسبة لم تلق الوهج السنوي المعتاد، لأن المناسبة الأخرى كانت أكثر عالمية وتهم العرب وكل أجناس الأرض، وهي نهائي مسابقة كأس العالم التي استضافتها بنجاح معقول دولة قطر، وحققت فيها الأرجنتين الفوز بالبطولة بعد طول انتظار.
الانتباه الاتصالي تركز من معظم الجماهير على قائد المنتخب الأرجنتيني ميسي، ذلك لأن له تاريخا حافلا في أقوى المسابقات الكروية، وإنجازات لا تحصى، ولم يكن ينقصه سوى هذه الكأس ليكمل إنجازاته، فتعاطف الناس معه أكثر من غيره، وأصبح الانتباه موجها إليه أكثر من منتخب بلاده، وهذا سلاح ذو حدين في الإعلام والاتصال.
وإذا قلنا بانتباه داخل الانتباه كان تقديم العباءة العربية "البشت" للاعب ميسي في لحظة التتويج لقطة اتصالية مهمة، أعجب بها معظم المشاهدين والمعلقين، واغتاظ منها بعض قليل تركز معظمه في أوروبا الغربية كما قرأنا وسمعنا ورأينا.
اللقطة جميلة، فهذا الضيف الفائز أعطاه المضيف شيئا من تراث بلاده ومنطقته وثقافته، حدث ذلك مرارا في هذه المسابقة وغيرها، ولا يزال الأرشيف يحتفظ بصور كثيرة في السياق ذاته، منها صورة الأسطورة البرازيلية بيليه، وهو يرتدي القبعة المكسيكية في ختام كأس العالم 1970، الذي عد من الدوائر الإعلامية الغربية "تعايشا بين الثقافات".
شيئا فشيئا تفقد وسائل إعلام واتصال مؤثرة انتباه الناس لانعدام حيادها أو مصداقيتها، وبعض وسائل الإعلام الغربية تحديدا بدأت تفقد إلى حد ما القدرة على التأثير وصياغة الرأي العام وربما توجيهه.
الانتباه أيضا كان من نصيب أهمية الأسرة في الثقافة اللاتينية، وهو أمر مشترك مع الثقافتين الإسلامية والعربية، ظهر ذلك في تصاريح الفائزين، وفي كون معظمهم متزوجا ولديه أطفال شاركوه فرحته.
انتبهنا جميعا إلى أنه لا أحد يستطيع أن يخبرنا كيف نعيش، وإنما نحن من يخبر العالم كيف يكون العيش السوي.