Author

عالم كرة القدم

|
التواصل القائم على اجتماع مجموعة من الناس على لعبة أو هواية هو من أسرع أنواع التواصل فاعلية وتأثيرا، نعرف ذلك من تجربة متراكمة، ونتأكد من ذلك بعدما أصبح يسيرا تشكيل المجموعات المهتمة بأي شيء عن طريق التطبيقات وفي وسائل التواصل التي تتشكل فيها باستمرار.
كرة القدم إحدى أكبر وأهم مجموعة تواصلية بشرية، نعرف ذلك من إعلامها، واقتصاداتها، وسجالات أنصارها، وجيلي يعرف ذلك أكثر لأنها تقريبا كانت الرياضة الوحيدة في المدرسة - مع الأسف - والتسلية الوحيدة والأكثر فائدة بدنية في الحارة حيث اللعب من بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب، حتى إن من أشهر أمثلة فتيان الحارة قولهم " قول المغرب بعشرة".
كرة القدم تشيع نوعا من الاتفاق الجماعي بين مؤيدي الفريق الواحد، ونوعا من الإجماع والفخر عند تشجيع منتخب الوطن، وهي بهذا توجد نوعا من العمل الجماعي، وتنشئ علاقة معينة بين الغرباء الذين يدعمون فريق كرة القدم نفسه سواء كان فريق مدينتهم أو دولتهم، لأنهم ببساطة يعدون أنفسهم جزءا من الفريق.
لست متابعا دقيقا لكرة القدم لكني أشارك أصدقائي متابعتهم المحلية وأخيرا الأوروبية باعتبار ذلك جزءا من بهجة المجموعة، وباعتبار ملاحظتي الشخصية أن هناك حالة فرح جماعي مشتركة تحدث عند لحظات الفوز أو تسجيل الأهداف تخالها تخرج من الشاشات إلى المتفرجين في المنزل، أو تدخل إليها منتقلة منهم إلى ذلك الجمع في الميدان، والعكس صحيح في حالة الهزيمة والحزن من الطرف الآخر.
كرة القدم ليست فقط لعبة عاطفية تثير الشغف حد التطرف والتعصب أحيانا، إنها اليوم ساحة تنافس اقتصادي وسياسي، ساحة تداخلت فيها الرياضة مع كثير من الأشياء في حياة الناس ومنها الأخلاق، ليست الأخلاق الرياضية التي تقول بالتواضع عند الفوز والابتسام عند الهزيمة، بل حتى الأخلاق الأخرى المنبثقة من مبادئ الشعوب ودياناتهم وعاداتهم.
من بين المواد الاتصالية المتداولة عن مسابقة كأس العالم الحالية في قطر مقطع فيديو يصنف المنتخبات المشاركة - وبالطبع دولها التي تمثلها - لجهة رفضها أو دعمها للشذوذ الجنسي، وهو ما رأيته بمنزلة التصنيف الأخلاقي، والحق أنه أثار سؤالا أخلاقيا رياضيا حول تشجيع وتأييد المنتخبات - غير منتخب بلادنا - التي قد نعجب بلعبها ولنا تاريخ مع الإعجاب بها أو ببعض لاعبيها، هل سنظل عند مستوى الإعجاب نفسه مع هذا "الاشمئزاز" من مطالباتهم وتأييدهم للشذوذ؟، الإجابة عند الأغلبية هي لا، والخشية أن تفقد هذه اللعبة جزءا من روحها بسبب تسخيرها لخدمة أغراض غير رياضية.
إنشرها