ذاتك الأخرى

يدك اليوم ليست نفسها التي معك بالأمس. أمعاؤك ليست هي نفسها التي كانت تؤلمك قبل أسبوع. قلبك تغير ليس في مشاعره فقط، بل في خلاياه، فقلبك اليوم ليس هو قبل عام، أنت لست أنت قبل خمسة أو سبعة أعوام. ما الذي يحدث لجسدك؟! من هذا الشخص الجديد المستمد منك؟!
أنت لست بمعزل عن الكون الذي تعيش فيه فالكون يتمدد والسماء تتوسع ومشاعرك تتبدل وكذلك خلاياك تتجدد مع مرور الوقت، تشيخ تريليونات الخلايا في جسدك وتتلف، لذلك تتكاثر خلاياه باستمرار، ويعتقد أن هذا النشاط الخلوي يتسبب في صناعة نسخة جديدة منك كل بضعة أعوام من الداخل والخارج!
ووفقا للأبحاث تستبدل أجسامنا عديدا من الخلايا "نحو 30 تريليون خلية بشرية" بشكل منتظم. وفي اليوم الواحد تجدد أجسامنا نحو 330 مليارا من الخلايا، أي نحو 1 في المائة من جميع خلايا الجسم، في أوائل العقد الأول من القرن الـ21، درس باحثون سويديون من معهد كارولينسكا تجديد أنسجة الجسم عن طريق قياس مستويات الكربون 14 المشع، ووجدوا أن متوسط عمر جميع الخلايا في جسم الإنسان يراوح بين سبعة وعشرة أعوام، لكن كل نوع من الخلايا له عمر. على سبيل المثال تتبدل خلايا القولون كل ثلاثة إلى خمسة أيام، لكن خلايا العضلات والدهون يمكن أن تستغرق ما يصل إلى 70 عاما لتجديدها. أما خلايا الدم الحمراء فتتجدد كل 120 يوما بسبب رحلتها الشاقة لنقل الأكسجين. أما خلايا البشرة التي تتعرض للتلف باستمرار، فتتجدد كل أسبوعين إلى أربعة أسابيع ويبلغ العمر الافتراضي للشعر الطبيعي في الجسم نحو ستة أعوام للنساء وثلاثة أعوام للرجال.
يقول أولاف بيرجمان، الباحث الرئيس، إن خلايا الكبد تتجدد كل 150 إلى 500 يوم ويتم استبدال معظم خلاياها في غضون ثلاثة أعوام، أما خلايا القلب فيتجدد نحو 40 في المائة منها طوال الحياة وتحتاج الخلايا في الهيكل العظمي إلى نحو عشرة أعوام لتكرار نفسها!
وعلى الرغم من كل هذا التجديد هناك خلايا لا تتركنا أبدا، مثل عدسة العين والمناطق الأخرى حولها. وتبقى الخلايا العصبية في القشرة الدماغية المسؤولة عن الذاكرة والفكر واللغة والانتباه والوعي معنا منذ الولادة حتى الموت.
ويبرز هنا سؤال ملح، بما أن أجسادنا تتجدد باستمرار فلماذا نتقدم في العمر؟ إن السر لا يكمن في خلايانا، إنما في الحمض النووي الخلوي المتقادم والمنسوخ كثيرا ما يجعلنا نشعر بثقل الأعوام!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي