Author

خفض جماعي لتوقعات نمو الطلب على النفط

|
في تقريرها الشهري الأخير لأسواق النفط، خفضت "أوبك" توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعام الحالي للمرة الرابعة منذ نيسان (أبريل) وقلصت أيضا توقعات العام المقبل، مستشهدة بتباطؤ الاقتصادات، عودة إجراءات احتواء فيروس كورونا في الصين، وارتفاع التضخم. قالت المنظمة إن الطلب على النفط سيرتفع بنحو 2.64 مليون برميل يوميا أو 2.7 في المائة في هذا العام، بانخفاض 460 ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة. وفي العام المقبل، تتوقع "أوبك" ارتفاع الطلب بنحو 2.34 مليون برميل يوميا، أي أقل بمقدار 360 ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة، إلى 102.02 مليون برميل يوميا. لا تزال المنظمة تتوقع أن يتجاوز الطلب في 2023 معدل ما قبل الجائحة لـ2019.
وبين التقرير أن، "الاقتصاد العالمي دخل في فترة من عدم اليقين المتزايد والتحديات المتزايدة، وسط استمرار ارتفاع مستويات التضخم، وتشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية الرئيسة، ومستويات الديون السيادية المرتفعة في عديد من المناطق، فضلا عن استمرار مشكلات الإمدادات". في ضوء هذه المعطيات، خفضت "أوبك" توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي لهذا العام إلى 2.7 من 3.1 في المائة، وقلصت أرقام العام المقبل إلى 2.5 في المائة، محذرة من احتمالية حدوث مزيد من الضعف. حيث "لا تزال هناك مخاطر هبوط كبيرة" مضيفة أن هناك احتمالا محدودا للارتفاع من عوامل مثل الإجراءات المالية في الاتحاد الأوروبي والصين وأي حل للأزمة الأوكرانية. تحولت أسعار خام برنت الآجلة بعد صدور التقرير إلى الانخفاض، وأنهت الأسبوع عند 91.63 دولار للبرميل، بتراجع أسبوعي قدره 6 في المائة.
كما خفضت وزارة الطاقة الأمريكية توقعاتها للاستهلاك الأمريكي والعالمي، حيث توقعت ارتفاع الاستهلاك الأمريكي بشكل طفيف بـ0.9 في المائة في 2023 مقارنة بتوقعاتها السابقة عند 1.7 في المائة، بينما توقعت زيادة الاستهلاك العالمي بـ1.5 في المائة فقط مقارنة بتوقع سابق عند 2 في المائة. قالت إدارة معلومات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الأخير، إن الطلب الإجمالي على النفط في الولايات المتحدة انخفض بـ7 في المائة أسبوعيا عند 19.3 مليون برميل في اليوم للأسبوع المنتهي في السادس من تشرين الأول (أكتوبر). وقالت الإدارة إن إنتاج النفط الأمريكي انخفض في ذلك الأسبوع بمقدار 100 ألف برميل يوميا إلى 11.9 مليون برميل يوميا. ودفع ذلك الإنتاج إلى ما دون أعلى مستوى في 2022 عند 12.2 مليون برميل في اليوم والمستوى القياسي البالغ 13.1 مليون برميل في اليوم الذي وصل إليه في آذار (مارس) 2020.
وفي السياق نفسه، خفضت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير توقعاتها لنمو الطلب على النفط بمقدار 60 ألف برميل يوميا لهذا العام، وتتوقع الآن أن ينمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.9 مليون برميل يوميا في 2022، مقارنة بالتوقعات البالغة 3.2 مليون برميل يوميا قبل الأزمة الأوكرانية. وخفضت الوكالة تقديرات نمو الطلب لـ2023 بنحو 470 ألف برميل يوميا مقارنة بتقرير أيلول (سبتمبر)، وتتوقع الآن زيادة الطلب بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا العام المقبل. وقالت الوكالة، "توقعات نمو الطلب الحالية التي لا تزال قوية نسبيا تخفي تباطؤا حادا جاريا، حيث من المتوقع الآن أن ينكمش الطلب بمقدار 340 ألف برميل في اليوم على أساس سنوي في الربع الرابع من هذا العام، على الرغم من زيادة التحول من الغاز إلى النفط في توليد الطاقة والصناعة".
تتعرض أسواق الطاقة أيضا لضغوط من الدولار، الذي انتعش على نطاق واسع، بما في ذلك مقابل العملات ذات العوائد المنخفضة مثل الين. أدى التزام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة رفع أسعار الفائدة لوقف التضخم المرتفع إلى زيادة العوائد، ما جعل العملة الأمريكية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. في غضون ذلك، تراجعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط الآجلة إلى ما دون 86 دولارا للبرميل الخميس الماضي، لتواصل سلسلة خسائرها إلى أربع جلسات حيث زادت بيانات التضخم العالية في الولايات المتحدة من الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي قد يكون أكثر جرأة في رفع أسعار الفائدة، ما يزيد من حدة توقعات انخفاض الطلب على الطاقة.
هذا الخفض الجماعي لتوقعات نمو الطلب على النفط يعطي دعما إضافيا لتحرك "أوبك +" في اجتماعهم الأخير، لإجراء أكبر خفض في الإنتاج منذ 2020، من أجل دعم استقرار أسواق النفط، وتحقق التوازن بين العرض والطلب، والحد من التقلبات في السوق. كما أن هذا الخفض الجماعي يدحض ادعاءات بعض الدول الغربية التي عدت قرار "أوبك +" الأخير مبنيا على دوافع سياسية. في حين، أساسيات السوق تبين أن القرار اتخذ من منظور تقني بحت في ظل عدم اليقين الذي يحيط بآفاق الاقتصاد العالمي وسوق النفط والنظرة المستقبلية للعرض والطلب.
من ناحية العرض، عملت "أوبك +" في معظم هذا العام على زيادة إنتاج النفط للتخلص من التخفيضات القياسية التي اعتمدتها في 2020 بعد أن أدى الوباء إلى انهيار الطلب. ودعا قرار المجموعة في أيلول (سبتمبر) الماضي إلى زيادة سقف إنتاجها بنحو 100 ألف برميل يوميا، منها نحو 64 ألف برميل يوميا من المقرر أن تأتي من الدول العشر المشاركة في "أوبك". وأظهر تقرير المنظمة أن إنتاج "أوبك" ارتفع بنحو 146 ألف برميل يوميا إلى 29.77 مليون برميل يوميا في أيلول (سبتمبر) بقيادة السعودية، نيجيريا، ليبيا والإمارات، في حين تراجع الإنتاج في العراق وفنزويلا وإيران. على الرغم من زيادة الإنتاج في الشهر الماضي، لا يزال إنتاج مجموعة "أوبك +" أقل بنحو 3.6 مليون برميل يوميا عن الهدف الجماعي، بسبب قلة الاستثمار في حقول النفط من قبل بعض الأعضاء. تتوقع "أوبك" أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على نفطها الخام 29.4 مليون برميل يوميا العام المقبل، بانخفاض 300 ألف برميل يوميا عن الشهر الماضي، وهو ما يشير إلى وجود فائض قدره 370 ألف برميل يوميا إذا استمر الإنتاج بمعدل أيلول (سبتمبر) وظلت الأمور الأخرى على حالها.
إنشرها