Author

طاقة آمنة باستراتيجية سعودية

|

تعد المملكة العربية السعودية من أكثر الدول أمانا واستقرارا، ويعد سكانها من أكثر الشعوب ارتباطا وانتماء لبلدهم، ولها دور كبير في تحقيق الأمن والاستقرار في العالم ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، والمنطقة العربية عامة، ويعود هذا النجاح في تحقيق الأمن والاستقرار إلى عدة عوامل وأسباب اتخذتها السعودية وعملت بها، ممثلة في قياداتها الحكيمة وشعبها الواعي، من منظور أهمية الأمن والاستقرار ونشر السلام لأي دولة في العالم.
ومن هذا المنطلق لا تتوقف المملكة عن مواصلة دعمها بكل الأشكال للمؤسسات والمنظمات الدولية، التي تعمل على حماية الإنسانية، وتقديم الخدمات التي تليق بسكان الأرض، وتدفع بالاتجاه الذي يضمن مستقبلا آمنا مستقرا منتجا للعالم أجمع. ومن هنا يمكن النظر إلى دعم السعودية الكبير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل ماذا؟ كي تقوم بمسؤولياتها في نشر العلوم والتقنية النووية، وتنفذ دورها على الوجه الأكمل، لتحقيق رسالتها المهنية والتنظيمية، والنهوض بدورها في تسخير الذرة من أجل السلام واستقرار العالم، هذا هو الهدف الرئيس والثابت لسياسة السعودية عموما، الذي تسعى إلى تحقيقه ليس فقط من خلال دعمها المتواصل، بل عبر دورها المحوري المؤثر في الساحة الدولية، سواء كبلد منفرد وذي رؤية حكيمة، أو من خلال عضويتها في منظمات عالمية مؤثرة، وفي مقدمتها مجموعة العشرين، التي أخذت "كما هو معروف" زمام المبادرة الدولية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.
سياسة السعودية على صعيد الاستخدامات السلمية للتقنية النووية، أوضحها الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، رئيس الرقابة النووية والإشعاعية، مخاطبا المؤتمر العام لـ"الوكالة"، وهي تستند أساسا إلى تنمية الاستخدامات السلمية لهذه التقنية، بأعلى معايير الشفافية والموثوقية وأعلى درجات الأمان. فقد درجت دول عديدة على الحصول على التقنية النووية لاستخدامات تهدد الإنسانية لا تخدمها، وتحاول بشتى الوسائل أن تتمكن منها، لتحقيق أهداف خطيرة ليس على العالم الآن فحسب، بل على مستقبل البشر. فمثل هذه التقنية، ينبغي أن تكون ضمن النطاق العلمي السليم ودعم مشاريع التنمية المستدامة، وتحت الرقابة من الجهات الدولية ذات الاختصاص، كما أنه يجب على أولئك الذين يسعون إلى الحصول عليها للاستخدام السلمي، أن يلتزموا بالتعاون الذي لا يتوقف مع الجهات المعنية على الساحة الدولية.
مخططات السعودية واضحة أيضا في مسألة استخدام الطاقة النووية ضمن نطاق مزيج الطاقة الذي أوردته في رؤية المملكة 2030، بما في ذلك خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول 2060، ودعم وتيرة مشاريع الطاقة المتجددة. فالبلاد تملك كل الإمكانات لكل أنواع الطاقة المطروحة على الساحة، فضلا عن مخططات تحاكي المستقبل، وتتناغم أصلا مع الاستراتيجية العالمية ككل، فالمملكة تستهدف إضافة 17 جيجاواط من القدرات النووية بحلول 2040، مع مخططات لإنشاء اثنين من المفاعلات بسعة مجمعة 3.2 جيجاواط في الأعوام المقبلة. هذا التحرك يتصدره عنوان واحد عريض، وهو "الأمان النووي"، الذي لا يمكن أن يكون مضمونا إلا بالتعاون المباشر مع الجهات المحلية والدولية المختصة، بما في ذلك التركيز على تعزيز الأمان الإشعاعي، وعمليات النقل والنفايات.
ومن هنا يأتي حرص المسؤولين في السعودية على التنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل وضع المخططات الوطنية الموجودة بالفعل، لتمكين الطاقة النووية من الإسهام في مزيج الطاقة الوطني. ويتفق بالطبع المشروع الوطني للطاقة الذرية، مع التزامات البلاد الدولية وسياستها الوطنية، في تبني التقنيات النووية السلمية، والالتزام الصارم باستخدام أعلى المعايير في كل ما يخص هذا الميدان الحيوي. فالسعودية تقوم "من ضمن ما تقوم به" على سبيل المثال بدعم مختبرات وكالة الطاقة ذات العلاقة بالرقابة النووية والإشعاعية، ضمن إطار مشروعها الشامل "رينوال 2". وهذه النقطة مهمة للغاية لأنها تعزز دور الوكالة في دعم الدول الأخرى في المجالات الرقابية. إضافة طبعا، إلى دعم الرياض مبادرة الوكالة الخاصة بالتطوير النوعي للتقنيات النووية لمكافحة بعض الأمراض. عناصر دعم السعودية للوكالة الدولية للطاقة الذرية لا حدود لها، وهي مستمرة طالما أنها تخدم البشرية، وتدعم هذه الجهود في الحصول على طاقة نووية آمنة تكون جزءا أصيلا من مزيج الطاقة الذي أعلنته ضمن استراتيجيتها المحلية الكبرى.

إنشرها