default Author

الأخطاء تصنع المستقبل

|

في أثناء الحرب العالمية الثانية تمكن وارنر فون براون من تطوير صاروخ خطط الألمان لاستخدامه في قصف لندن، لكن فشلت كل تجارب إطلاقه، ما دفع الألمان لاستدعاء وارنر بعد أن وصل عدد ما ارتكبه من أخطاء إلى 65121 خطأ، فسألوه كم عدد الأخطاء الأخرى التي ستقع فيها حتى تتمكن من صناعة هذا الصاروخ بدقة، فأجابهم ربما خمسة آلاف خطأ، وبعد 70 ألف تجربة فاشلة تمكن الألمان من ضرب أعدائهم بقذائف وارنر ذاتية الدفع والفريدة من نوعها. وهكذا العظماء يدركون أن الأخطاء ضريبة الإتقان، وأن الفشل ليس بعدد الأخطاء بل حين تتوقف عن المحاولة!
لا نشجعك على الخطأ لكن إذا وقعت فيه فتعلم منه لا تجعله حجر عثرة في طريقك، وإنما اصعد فوقه وارتق، تفحصه، تجاوزه، تعلم منه، ارسم طريقك نحول الغد. الأخطاء بكل أشكالها وأنواعها سواء شخصية أو علمية مؤلمة عند حدوثها، لكن بعد فترة من الزمن تتحول إلى مجموعة من الخبرات الحياتية المتراكمة أو إلى اختراعات تغير وجه الأرض!
وإذا نظرت إلى الماضي بتمعن ستجد أن الأخطاء كانت إحدى الطرق الموصلة للاختراعات، وتقدر نسبة الاختراعات التي حدثت نتيجة خطأ من 30 إلى 40 في المائة من جميع الاختراعات.
سقوط مادة النتروغليسرين من الكيميائي ألفريد نوبل في 1833 على نشارة الخشب كانت شرارة اكتشاف الديناميت الذي خدم الإنسان وساعده على حفر المناجم والأنفاق، قبل أن يتحول لاحقا إلى أداة حرب ودمار، وبسببه خرجت فكرة جائزة "نوبل".
في 1903 كان العالم الفرنسي إدوار بنديكتوس في معمله وأسقط قارورة زجاجية كانت مليئة بمحلول نترات السيليلوز، وهو نوع من البلاستيك السائل، وعندما سقطت القارورة تبخر السائل، لكن المفاجأة أن القارورة لم تتحطم، فقد حافظ البلاستيك على تماسكها، ما كان سببا في اكتشاف الزجاج الآمن للسيارات بعد أن كان يصنع من مادة رقيقة للغاية تجعل السائق في خطر دائم باحتمال تعرضها للكسر!
وبسبب خطأ ارتكبه ويلسون جريتباس في 1956 أثناء قيامه بعمل جهاز لتسجيل إيقاع ضربات القلب، حيث وضع دائرة مقاومة كهربائية خاطئة، ما جعل الجهاز على العكس يقوم بإصدار نبضات كهربائية تتشابه مع ضربات القلب، فاستخدمه لضبط نبضات القلب غير السليمة، وبذلك اكتشف جهازا أنقذ ملايين المرضى.
بينما كان أدولف كوسمال يدرس تأثير مادة النفثالين المضادة للطفيليات في جامعة ستراسبورج، أرسل مساعده لشراء النفثالين، لكن الصيدلي أخطأ وناوله مادة الأسيتانيليد. وعندما قام كوسمال بدراسته اكتشف مفعوله الخافض للحرارة، وبسبب ذلك اكتشف أشهر مسكن "البنادول".

إنشرها