Author

ناتج قوي وفائض مالي

|

عكست المؤشرات الدولية المعتمدة في العالم ما تحقق من تحولات بارزة في الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية التي شهدها من خلال البرامج والمبادرات المنبثقة من رؤية السعودية 2030، التي أثنى عليها كثير من المنظمات الدولية المختصة في تحليل مؤشرات النمو في اقتصادات الدول، والإيجابيات التي سجلت ودونت عن مؤشرات النمو في الاقتصاد السعودي خلال فترة وجيزة.
وقد حافظ الاقتصاد السعودي على التصنيفات الائتمانية المرتفعة له طوال الأعوام الماضية، بما في ذلك الفترة التي سادت فيها آثار جائحة كورونا السلبية في الاقتصاد العالمي. وكان هذا الاقتصاد الأكثر استقرارا وتماسكا ضمن اقتصادات "مجموعة العشرين"، ما دفع وكالات التصنيف الكبرى إلى الإجماع على أن اقتصاد المملكة يتمتع بكل مقومات الاستقرار والنمو المستدام، وأنه يحقق المستهدفات بأعلى المعايير.
وخلال الأعوام الماضية، تصدرت السعودية مرة أخرى قائمة دول "العشرين" الأكثر التزاما بتعهداتها المحلية والدولية. ما رفع من مكانتها وقوتها الاقتصادية، ومن سمعتها الراسخة كوجهة استثمارية آمنة توفر العوائد التي يسعى إليها المستثمرون بأعلى مستويات الأمان. وهذا ما برر "مثلا" التدفقات الاستثمارية المتواصلة إلى السوق السعودية في كل المجالات والقطاعات، التي باتت مقصدا للمستثمرين حول العالم. وسجلت أرقاما قياسية في ارتفاع مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر.
ومع تأكيد وكالة "ستاندرد آند بورز" العالمي وتصنيفها لتقييم الوضع الائتماني السيادي للمملكة طويل وقصير الأجل، وهي في الواقع عززت تصنيفات أخرى سبقتها هذا العام. وتوقعت وكالة "موديز" المستوى الائتماني ذاته، مع إمكانية أن تحقق الميزانية السعودية فائضا 4.8 في المائة هذا العام. وشددت الوكالة على أن السعودية تقوم بتمكين قوي لاحتياطياتها المالية، عن طريق سلسلة المشاريع الواسعة ضمن "رؤية المملكة". وفي نيسان (أبريل) الماضي، عدلت وكالة "فيتش" الدولية النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي من مستقرة إلى إيجابية. ما يعزز مسار هذا الاقتصاد ليس فقط من جهة القوة الائتمانية، بل من ناحية البناء الاستراتيجي له، الذي يشمل الساحات كلها. فالأوضاع المالية للسعودية مطمئنة، كما أنها بمعايير وكالة التصنيف كلها مضبوطة بصورة كبيرة للغاية.
والتصنيف الأخير لـ"ستاندرد آند بورز"، بنظرته الإيجابية لهذا الاقتصاد المميز، ركز على مجموعة من النقاط التي ترفد الاقتصاد الوطني بمزيد من القوة والثبات والاستدامة، وفي مقدمتها الارتفاع المتواصل لحجم مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة. وهذا الجانب يعد ركيزة أساسية في استراتيجية "رؤية 2030" الهادفة إلى تكريس اقتصاد كلي مستدام، بوجود الأدوات الحقيقية اللازمة لذلك. فخلال العام الماضي زادت مساهمة القطاع غير النفطي إلى 43 في المائة، بنمو بلغ 6.1 في المائة مقارنة بـ2020. وما كان ذلك ليتحقق، لولا النمو المستمر في قطاعات رئيسة مثل التجارة والصناعة والنقل والتعدين، وقطاعات المال والتأمين والمقاولات والتشييد والبناء، إلى جانب ميادين جديدة دخلت إلى قلب الاقتصاد السعودي بفعل "الرؤية".
كل هذا يعزز بالضرورة نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي أكدت "ستاندرد آند بورز" أنه سيصل إلى أعلى مستوى له في عشرة أعوام بحلول نهاية العام الجاري عند 7.5 في المائة، في حين توقعت وكالة "موديز" أن يصل النمو في العام المشار إليه إلى 7.2 في المائة، وهذا من أعلى معدلات النمو ضمن "مجموعة العشرين". وفي الوقت نفسه، تتوقع وكالات التصنيف كلها، أن تحقق المملكة فائضا ماليا في الميزانية هذا العام 6.3 في المائة.
وفي ظل هذا المشهد، ستنمو بالطبع السعة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، ما يدفع مسار النمو على المدى الطويل. وهذه النقطة تعد من أهم النقاط في الحراك الاقتصادي لأي دولة، فالنمو المستدام هو الذي يحدد معالم المراحل، التي يمر بها أي اقتصاد. ولا شك في أن السعودية حققت نجاحات هائلة على الصعيد الاقتصادي، خصوصا في ظل تحقيق مستهدفات الخطط الموضوعة بأعلى معايير الجودة. فحتى التضخم الذي يعانيه العالم، بات بسرعة تحت السيطرة في المملكة، عبر سلسلة من السياسات الاقتصادية الداعمة لكبح جماحه.

إنشرها