تقارير و تحليلات

أعلى توزيعات نقدية في سوق الدين السعودية .. 7 صكوك مدرجة توزع أكثر من 4 %

أعلى توزيعات نقدية في سوق الدين السعودية .. 7 صكوك مدرجة توزع أكثر من 4 %

حققت سبعة من الصكوك المدرجة أعلى توزيعات نقدية في سوق الدين السعودية للأدوات المتداولة، بعد توزيعها أكثر من 4 في المائة على المستثمرين بشكل سنوي، من بينها إصداران لشركتين.
وأظهر رصد وحدة التقارير "الاقتصادية"، أن عشرة من إدراجات الصكوك في السوق منحت عوائد وتوزيعات ما بين 4.01 في المائة إلى 4.64 في المائة، علما بأن 80 في المائة من تلك الإصدارات تعود إلى الحكومة السعودية.
ويقصد بالتوزيعات نصف السنوية "معدل القسيمة" المعروف لدى المصرفيين بـCOUPON، في حين يقصد بالعوائد "حتى تاريخ الاستحقاق YTM" الأرباح الرأسمالية والتوزيعات النقدية التي تأخذ في الحسبان تداولات أداة الاستثمار في السوق.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، استند إلى بيانات منصة "آي إتش إس ماركيت" المالكة والمشغلة لسلسلة مؤشرات "ايبوكس" العالمية، أن بعض التوزيعات النقدية للصكوك الحكومية تفوق ما تمنحه توزيعات الشركات القيادية في سوق الأسهم.
وجاء أعلى عائد من الصكوك الحكومية في تاريخ البورصة - أوجدته ظروف السوق - لأداتين بعد توزيعهما 4.75 في المائة و4.92 في المائة أواخر النصف الأول.
وثلاث من أدوات الدين التي تمنح عوائد مرتفعة ما بين 4 في المائة إلى 4.50 في المائة، مقيمة بأقل من قيمتها العادلة وهي تعود لبعض صكوك ذات أجل استحقاق 15 و30 عاما، وهي تتداول حاليا ما بين 916 ريالا إلى 872 ريالا. ومن استثمر فيها في أغسطس يحصل على عوائد تفوق "توزيعات الأرباح الدورية" إبان فترة طرحها للمستثمرين للمرة الأولى خلال المزادات الشهرية.
وتتوجه سيولة المستثمرين نحو أدوات الدين التي تمنح "توزيعات نقدية" دورية مرتفعة، غير أن تلك السيولة تواجه صعوبة في تحديد السندات الإسلامية التي تمنح "عوائد حتى تاريخ الاستحقاق" تفوق 4 في المائة، بسبب عدم وضوحها لهم.
وبإمكان المستثمرين الأفراد المشاركة مع الطرح الأولي للصكوك الادخارية عبر تقديم عروضهم ضمن عروض المتعاملين الأوليين الخمسة المعينين من قبل المركز الوطني لإدارة الدين نيابة عن وزارة المالية.

التداول دون القيمة الاسمية

يعني التداول دون القيمة الاسمية أن المستثمر يستطيع أن يشتري الصك المتداول بخصم ويضمن بذلك مكاسب رأسمالية في حال الاحتفاظ به إلى نهاية أجل الاستحقاق، وذلك بحكم أن الجهة السيادية ستدفع للمستثمرين القيمة الاسمية وهي ألف ريال إضافة إلى الأرباح الدورية.
وتظهر تلك البيانات كيفية استطاعة المستثمرين تنمية ادخاراتهم بطريق آمن وخال من المخاطر، نظرا إلى كون الصكوك الحكومية أصبحت بمنزلة أهم الملاذات الآمنة التي يقبل عليها المستثمرون في السعودية.
ومعلوم أن الصكوك الادخارية تمنح عائدا سنويا يتم توزيعه كل ستة أشهر، وبعد حلول أجل استحقاق الصك، يتم دفع رأس المال المستثمر مع الأرباح المتراكمة عن الفترة الزمنية ذات الصلة.

جاذبية العوائد

يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق" وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين، وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها. ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه.
ويكثر استخدام هذا المؤشر بين المستثمرين، من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين وذلك بغض النظر عن آجال استحقاقاتها، حيث تزداد نسبة العائد yield في حال انخفاض سعر وحدة الصكوك في السوق الثانوية، وهذا ما توفره السوق حاليا مع عدد محدود من الصكوك، إلى ما دون القيمة الاسمية "أي ألف ريال" والعكس صحيح.

تزايد الأرباح

خلص الرصد الذي أجرته وحدة التقارير الاقتصادية إلى أن "التوزيعات الدورية السنوية" لإصدارات الصكوك الادخارية، التي يتسلمها المستثمرون، يغلب عليها ازدياد آجال الاستحقاق التي تتفاوت ما بين خمسة إلى 30 عاما.
إلا أنه قد لوحظ، مع الإصدارات التي بدأت من 2017، أن النطاق الأعلى لتوزيعات بعض الإصدارات "المتوسطة الأجل" قد تداخل مع الإصدارات التي تحمل آجال استحقاق أقل، وذلك بفعل تباين ظروف السوق وأسعار الفائدة خلال فترات الإصدار الشهرية.
وعلى سبيل المثال، فبعض الإصدارات من الصكوك الخمسية تعطي عائدا سنويا يماثل ما تعطية بعض إصدارات الصكوك السبعية. والحال نفسها تتكرر مع الصكوك السبعية والعشرية.
ويساعد إظهار طبيعة عمل التوزيعات الدورية الثابتة للصكوك الحكومية كمنتج استثماري على زيادة مستوى الوعي وثقيف معظم المستثمرين الأفراد حول الآلية التي يتم بها تقييم تلك الاستثمارات في أسواق الدخل الثابت نظرا إلى حداثة تلك التجربة عليهم. ومعلوم أن لكل إصدار حكومي "رمز تداول" الذي يحتاج إليه المستثمر عند تقديم طلب الشراء أو البيع.

توزيعات الأسهم

أظهر رصد لـ"الاقتصادية"، أن بعض التوزيعات النقدية للصكوك الحكومية تفوق ما تمنحه توزيعات الشركات القيادية في سوق الأسهم.
وبحسب تقرير نشر في 13 يوليو 2022 فقد أعلنت 18 شركة مدرجة وصندوقا عقاريا متداولا "ريت" توزيع أرباح نقدية عن 2021 تتجاوز 6 في المائة من سعر السهم أو وحدة الصندوق الحالي.
وراوحت توزيعات الشركات القيادية بين 1.1 و4.1 في المائة، تصدرتها سابك وإس تي سي بـ4.1 في المائة لكل منهما، ثم أرامكو السعودية 3.4 في المائة "وزعت أسهم منحة سهم لكل عشرة أسهم خلال 2022". وخلفها بنك الرياض والبنك السعودي الفرنسي 3.1 في المائة لكل منهما، والبنك الأهلي السعودي 2.3 في المائة ومصرف الإنماء 2.2 في المائة، وبنك ساب 2.1 في المائة، ومصرف الراجحي 1.1 في المائة "وزع أسهم منحة ثلاثة سهم لكل خمسة أسهم خلال 2022".
ومع تراجعات أسواق الأسهم، تبرز أهمية أسهم أو شركات القيمة، وهي الشركات القوية ماليا والمنتظمة في توزيع الأرباح، إلا أن تراجعات الأسواق تدفعها إلى التداول دون قيمتها المستحقة في ظل رفع أسعار الفائدة ومخاوف الركود الاقتصادي.
وتمتاز تلك الشركات بأن تعرضها للتذبذب يكون أقل خلال الأزمات ومخاطرها كذلك أقل، على عكس شركات النمو التي تزدهر عادة في أوقات النمو الاقتصادي الجيد، لذا يفضل وارن بافيت الملياردير الأمريكي أشهر مستثمر أسهم، القيمة، ويستغل مثل هذه الظروف لزيادة حصصه بها أو شراء حصص في شركات جديدة.
ولوحظ عند مقارنة توزيعات الأسهم بنظيرتها من "توزيعات" الصكوك الحكومية، أن تلك التوزيعات قد تتغير وفقا لأرباح الشركة وخططها التوسعية وكذلك أوضاع السوق التي تعمل فيها، مع العلم بأنها قد تتوقف لفترات طويلة، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على الأرباح الدورية لأدوات الدخل الثابتة الصادرة من الحكومة السعودية.
ويتفاوت العائد وفقا لقيمة شراء الصك. فعلى سبيل المثال، من يستثمر الآن في إصدارات 2018 و2017 فإن هذا يعني أن ذلك المستثمر قد فاتته بعض التوزيعات الدورية التي تكون كل ستة أشهر من تاريخ الإصدار.
ومعلوم أن وزارة المالية ستقوم بإرجاع ما قيمته ألف ريال للمستثمر، عندما ينقضي أجل الإصدار، وكذلك يمكن للمستثمر الفرد أن يبيع الصكوك في البورصة الثانوية وذلك وفقا لأسعار السوق مع الأخذ في الحسبان تحديات السيولة الثانوية.

ثقافة الادخار

أسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها البلاد في إضافة وعاء استثماري جديد لم يكن متوافرا للأفراد من قبل. ففي السابق كانت استثمارات الأفراد مقصورة بشكل كبير بين الأسهم والعقار. أما الآن فقد بات المجال مفتوحا أمامهم لتنويع مخاطر الاستثمار وتجربة الاستثمار الآمن مع حكومة بلادهم. وتمثل الصكوك الادخارية خيارا مناسبا لمن لديه أموال فائضة لا يحتاج إليها ويبحث في الوقت نفسه عن توزيعات ثابته سنويا.
ومن أهم المبادرات المنضوية تحت برنامج تطوير القطاع المالي دعم ثقافة الادخار، وإنشاء كيان وطني مستقل للادخار مهمته تقديم منتجات ادخارية للأفراد مدعومة من الحكومة، وذلك لتوليد المنافسة على الودائع الادخارية مع القطاع الخاص.
ومن المنتظر أن ترفع منتجات تلك المبادرة من نسبة ادخار أفراد المجتمع. مع العلم أن معدل الادخار في الأسر السعودية يبلغ 2.4 في المائة من الدخل السنوي المتاح مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 10 في المائة بحسب وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي. وجاء التدخل الحكومي عبر تشجيع القطاع المالي على طرح عدة منتجات إدخارية. وتعد الصكوك الادخارية أهم تلك المنتجات المالية في الوقت الحالي.

طرق التداول على الصكوك الحكومية

بخلاف الصناديق الاستثمارية ومنصات التداولات الإلكترونية للصكوك من قبل شركات الوساطة، تتوافر طريقتان لتداول الصكوك أمام الأفراد، إما بالذهاب إلى مقر شركة الوساطة وتقديم طلب الشراء أو البيع. والطريقة الأخرى تكمن مع التقدم بالطلب عبر التحدث مع الوسيط هاتفيا. ومع هذا فعلى المستثمر أن يجري دراسته الخاصة للإصدارات ومن ثم يختار رموز التداول ويحدد كمية الصكوك التي يرغب فيها.
ودفعت ندرة توافر منصات التداول الإلكترونية التي تسمح للأفراد بالشراء المباشر للصكوك الادخارية، التي وسعت الحكومة دائرة الاستثمار فيها لتشمل الأفراد منتصف 2019، إلى تحقيق زيادة قياسية في أعداد الأفراد الذين توجهوا لخيار الاستثمار غير المباشر، عن طريق الصناديق الاستثمارية المتخصصة لهذا النوع من الأصول المالية.

المنصات الرقمية

أشارت شركات إدارة الأصول الخليجية إلى حدوث تغير ملحوظ في أنماط توجهات عملائهم الاستثمارية منذ 2020 وذلك عبر تبني استراتيجية التوجه نحو الأصول الآمنة في ظل الجائحة، حيث ازداد توجه المستثمرين نحو الصناديق التي تستثمر في أدوات الدخل الثابت والصكوك ذات التصنيفات الائتمانية المرتفعة.
وأكد ذلك التوجه الاستثماري وكالة موديز التي أظهرت توجه بعض المستثمرين إلى الاستثمار في صناديق أسواق النقد.
وأشار تقرير وكالة التصنيف الإئتماني الذي صدر في يونيو 2020 إلى أن شركات إدارة الأصول بدأت تجني ثمار استثمارها في "المنصات الرقمية في ظل إجراءات التباعد الاجتماعي" وذلك على خلاف الشركات الصغيرة المستقلة من القطاع نفسه التي لم تستثمر في الجانب التقني بالقدر نفسه.

إدارة متوازنة

نشرت "الاقتصادية" تحليلا في 30 ديسمبر 2020 أشارت فيه إلى استمرار السعودية في منهجيتها السابقة لإدارة دينها السيادي، عندما فضلت آجال الاستحقاق الطويلة بطروحاتها المحلية بنهاية 2020 وذلك بغرض تحقيق إدارة متوازنة لمطلوبات استحقاقات الدين التي ستجنبها تمركز تلك الإصدارات خلال فترة زمنية معينة.
وحازت الإصدارات طويلة الأجل، من الأوراق المالية الحكومية، تفضيلات المستثمرين لـ2020، سواء الطروحات الجديدة أو التي تم إعادة فتحها من الصكوك الادخارية، وذلك بدعم واضح من السندات الإسلامية ذات أجل 15 و30 عاما اللتين انفردتا وحدهما بأعلى إجمالي لقيمة إصدار، من بين الشرائح الأخرى، عبر استحواذها على 45.8 في المائة من إجمالي الإصدارات العامة.
وعلى الرغم من أن تفضيلات المستثمرين وجهة الإصدار مالت نحو الإصدارات الطويلة بعد استحواذها على 54.8 في المائة من إجمالي الطروحات العامة "بقيمة 46.6 مليار ريال" إلا أن زخم تلك الآجال قد تراجع 14.9 في المائة على أساس سنوي، وهيمنت الاستحقاقات الطويلة على 64.4 في المائة من إجمالي ما تم طرحه في 2019.
ويأتي ازدياد جاذبية الاستحقاقات الطويلة الأجل للصكوك الحكومية بعد دخول الاقتصاد العالمي لمرحلة الفائدة المتدنية التي جعلت مستثمري أسواق الدخل الثابت في الأسواق المحلية والناشئة يبحثون عن العائد الأعلى من جهات الإصدار ذات التصنيف الائتماني الرفيع. والإصدارات طويلة الأجل في السعودية هي الصكوك التي تحوي استحقاقات ما بين 12 إلى 30 عاما.
أما الآجال المتوسطة - ما بين أربعة إلى عشرة أعوام - فقد ارتفع الطلب عليها 26.9 في المائة على أساس سنوي، ليبلغ إجماليها في 2020 نحو 38.4 مليار ريال، وذلك بدعم من الصناديق الاستثمارية وإصدارات الصكوك السبعية التي أظهر مسح وحدة التقارير الاقتصادية أنها قد باتت الأعلى وجودا من بين الشرائح الثمان.

تخفيض القيمة الاسمية للصكوك

جاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد خلال النصف الأول من 2019، ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة في دعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد في الصكوك أمرا ممكنا، بعد تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال "مقارنة سابقا بمليون ريال". وبذلك تصبح السعودية الدولة الثانية بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تتيح صكوك الادخار لمواطنيها بعد البحرين "2015".

اهتمام متزايد

منذ أن شرعت الدولة في تدشين برنامج الصكوك في منتصف 2017، تمت ملاحظة وجود اهتمام متزايد من شرائح المجتمع حول ماهية الصكوك وكيفية الاستثمار فيها. لكن قرار تخفيض القيمة الاسمية لم يشمل إدراجات السندات "بشقيها الفائدة الثابتة والمتغيرة" التي جاءت تحت برنامج السندات الذي أداره البنك المركزي "ساما" في 2015 وتوقف في 2016. وعليه فالقرار يخص جميع إصدارات الصكوك التي ابتدأت منتصف 2017.
وتشهد المملكة منذ إطلاق رؤية 2030 سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي مست أسواق الدخل الثابت المحلية، كان أولها التشريعات الخاصة بزكاة الصكوك الحكومية، التي صدرت في مارس من 2019.
وبخلاف ما يجري مع بعض الدول الأخرى عندما يضطر الأفراد إلى دفع ضرائب على الأرباح المتحصلة من الدفعات الدورية للسندات الحكومية، فإن السعودية قد تكلفت بتحمل الزكاة على الصكوك الحكومية التي تصدرها وزارة المالية محليا "المقومة بالريال السعودي". إلا أن آلية استرداد المبالغ المدفوعة للزكاة تكمن في تقدم المستثمرين بطلب الاسترداد من وزارة المالية.
مع العلم بأن الزكاة مقتصرة على العوائد السنوية للسندات الإسلامية التي يتسلمها المستثمرون وليس على قيمة الإصدار ككل. وجاء تحمل الدولة للزكاة المترتبة على الصكوك ليعزز الاستثمار المحلي والدولي فيها، وهذه المسألة تحظى بأهمية كبرى لدى المستثمرين، لأنها تؤثر في نسبة ما يتحصلونه من الأرباح الدورية للصكوك.
ويتماشى ذلك التوجه مع وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي التي كان من أهم مبادراتها معالجة المعاملة الزكوية، وطريقة الاحتساب، وكذلك ضريبة الاستقطاع الخاصة بأدوات الدين.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات