ما السلع العامة العالمية؟ «2 من 3»

إذا تحدثنا عن الحال بالنسبة إلى سلع مثل الصحة العالمية، فباختيار الحصول على اللقاح يظل الشخص بصحة جيدة، "منفعة فردية قد تكون صغيرة بالنسبة إلى غير المعرضين للمخاطر"، ويقي الآخرين من الوقوع في المرض، "تداعيات إيجابية كبيرة".
وفي حالة كثير من السلع العامة، تتحقق منافعها بعد فترة طويلة مستقبلا بينما تنفق تكاليفها اليوم، والناس في الأغلب ما يغالون في القيمة في الوقت الحاضر مقارنة بالمستقبل. وقصر النظر يمكن أن يشوه التكاليف والمنافع التي تعود من سلع مثل التعليم، "فأنت تدفع اليوم تكلفة التعليم في المدارس، بينما منفعتها تتحقق عندما يكبر الطلاب"، والبيئة الطبيعية "فنحن ندفع اليوم تكلفة تخفيف آثار تغير المناخ، بينما معظم منافعها ستعود على أجيال المستقبل". ولهذه الأسباب، في الأغلب ما يكون هناك نقص في المعروض من السلع العامة إذا ترك أمرها للقطاع الخاص.
حتى يومنا هذا، ظلت مشكلة توفير السلع العامة تكمن في التنسيق الذي يضمن مساهمة كل طرف في توفير سلعة عامة والمراجحة بين تكاليفها ومنافعها دون تشويه. وتقوم الهيئات الرسمية، ولا سيما الحكومات، بدور المنسق الرئيس لتوفير السلع العامة المحلية والوطنية.
وتحقق الحكومات أكبر درجات النجاح في توفير السلع العامة عندما تكون لديها مؤسسات قوية. فمن خلال إنفاذ القواعد التنظيمية والضرائب، تتمكن الحكومات من تعبئة الموارد لتوفير السلع العامة والقضاء على مشكلة "الراكب المجاني". والحكومة الشمولية لجميع الفئات تقدر قيمة رفاهية كل مواطنيها ـ المقيمين ضمن حدودها وعبر الأجيال المختلفة. وتستطيع هذه الحكومات أن تحقق المنفعة المجتمعية الكاملة من السلع العامة، "حاصل المنافع وكذلك التداعيات الفردية"، وأن توازن بين احتياجات مواطنيها في الحاضر والمستقبل.
وما زال السؤال قائما ومطروحا، فهل السلع العامة العالمية مختلفة؟
من الناحية النظرية، السلع العامة العالمية لا تختلف عن السلع العامة المحلية أو الوطنية. فلا يمكنها أن تستبعد أحدا كما أنها غير تنافسية، ومن خصائص هذه السلع أنها تنطوي على مشكلات "الراكب بالمجان"، وبانتشار تداعياتها، كما أن آفاقها الزمنية قصيرة. لماذا إذن نجد سلعا عامة محلية ووطنية أكثر من السلع العامة العالمية؟ لماذا ترصد للدفاع الوطني أموال أكثر مما يخصص لمكافحة تغير المناخ على مستوى العالم؟
إن إخفاقات الحكومة التي لا توفر ما يكفي من السلع العامة تتفاقم عندما يتعلق الأمر بالسلع العامة العالمية، وفي الأغلب ما تفتقر المؤسسات العالمية ـ أينما وجدت ـ إلى السلطة القانونية التي تخول لها إنفاذ القواعد التنظيمية والضرائب، أو إلى القدرات المؤسسية للتنسيق بين احتياجات جميع المواطنين في العالم وعبر الأجيال. والتحدي أمام عملية التنسيق أكبر كذلك... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي