بيرجن ملكة الأحزان
يقول جبران خليل جبران، "كل شيء من الممكن أن تكون له فرصة ثانية إلا الثقة".
تذكرت هذه المقولة وأنا أشاهد في السينما فيلما يحكي قصة المغنية التركية بيرجن التي ولدت في 1959 لأسرة فقيرة، منذ صغرها ظهرت موهبتها الغنائية فشجعتها والدتها وسجلتها في معهد موسيقي، ونظرا إلى ظروفهم المادية بالغة السوء فقد توظفت بيرجن في معهد البريد قبل أن تكمل الـ18 حتى تتمكن من مساعدة والدتها على أقساط المعهد الموسيقي، بالمصادفة غنت ذات ليلة في إحدى المناسبات ومن هنا بدأ الناس ينتبهون إلى صوتها ثم بدأت الغناء في الحفلات ما جعل أمورها المادية تتحسن، إلى أن صادفت ذات ليلة في إحدى حفلاتها شخصا يدعى هاليس أوزجور، في سن والدها أحبها بجنون وطلب الزواج منها وأوهمها أنه سيساندها في تحقيق حلمها، بعد فترة من زواجها بدأ ضربها وتعنيفها وعزلها عن أسرتها والناس، وحين علمت أنه متزوج وعنده أطفال وزواجها منه باطل حسب القانون التركي هربت عند والدتها، لكنه ظل يلاحقها ويطالبها بالعودة، رفضت رفضا قاطعا واستمرت في الغناء وأصبحت مشهورة والناس تهرع إلى حفلاتها. ذات مساء بعد انتهاء حفلتها كان يترصد لها وألقى على وجهها مادة حارقة فأصيبت بحروق شديدة في جسدها وتلف كامل وعمى في عينها اليمنى، ما جعلها دوما تغطيها بشعرها، حكم على زوجها 12 عاما خلالها حققت بيرجن شهرة ونجاحا كمغنية، وحين خرج من السجن جاء إليها متوسلا عودتها واعتقدت أنه ندم فمنحته فرصة أخرى، لكن اكتشفت أنه ما زال الشخص نفسه فهربت منه ثانية لأمها وظل يترصد لها حتى أطلق عليها الرصاص وأرداها قتيلة في 1989 وهي لم تبلغ الـ31 عاما بعد أن عاشت سلسلة من الأحزان في حياتها بسببه، حكم عليه بالسجن سبعة أعوام وبعد خروجه من السجن تزوج وعاش حياته.
وخزة
"من العبث أن تمنح فرصا متكررة للطرف الآخر في كل مرة يطلب منك ذلك ثم تعتقد أن الأمر سيكون مختلفا هذه المرة، لكن لا شيء يتغير، بعض الفرص المتكررة هي في حقيقة الأمر فرصة تمنحها للآخرين ليؤذوك أكثر وليصنعوا منك شخصا لن تعرفه ذات يوم، إن هروبك من قوة الألم الذي تشعر به بسبب فقدانك الثقة بمن أحببت لن يزول حين تمنحه فرصة تلو الأخرى بل سيزول حين تدرك أن حياتك ليست وقتا مستقطعا له.
بعض العلاقات المسمومة مثل القربة المقطوعة مهما حاولت النفخ فيها فإنها لن تمتلئ بالهواء وستظل تستنزف أنفاسك وتشعر بالدوار وفي النهاية لن تحصل على أي نتيجة".