تفعيل الجمعيات التعاونية

العمل التعاوني بصفة عامة يعد ركيزة مهمة من ركائز تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يلعب دورا مهما في تخفيف حدة البطالة ويحقق أمنا اجتماعيا لا على مستوى الأفراد والأسر فحسب، بل على مستوى المجتمع. الأمم المتحدة ترى أن النموذج التعاوني هو في المقام الأول من بين النماذج التي تشتمل على جوانب التنمية المستدامة في جوهرها فضلا عن كونه قائما على القيم والمبادئ الأخلاقية.
وتأتي الجمعيات التعاونية كأبرز نموذج من نماذج العمل التعاوني. أنشئت أول جمعية أهلية في المملكة في مدينة القريات في 1380هـ وأول جمعية رسمية تم تسجيلها كانت في مدينة الدرعية في 1382هـ.
تنشأ الجمعيات التعاونية بوساطة أفراد يسعون إلى تحسين ورفع المستوى الاقتصادي والخدمي والاجتماعي لهم ولمن يسهم معهم خاصة من أبناء المنطقة أو الحي، وتتوافر في مقر الجمعية التعاونية التي تقام في الأحياء السكنية جميع الخدمات الضرورية، كالمحال التموينية والمخابز ومحال الحلاقة والسباكة والمغاسل وفرع أو أكثر للبنوك ومحال القرطاسية وغيرها. ويكون لها مجلس إدارة ترشحه الجمعية العمومية يتولى إدارة شؤونها ويقوم بالتنسيق المباشر مع كبرى شركات المواد الغذائية واللحوم والألبان وغيرها من المواد الاستهلاكية لكسر احتكار السماسرة والوسطاء، ولتتوافر كل هذه المواد بأسعار معقولة يراعى فيها تحقيق الربح المعقول للمساهمين دون مغالاة في السعر ودون استغلال لظروف العرض والطلب، ويتاح من خلالها إيجاد فرص واسعة لتوظيف الشباب من الجنسين خاصة شباب الحي الذي تقع فيه الجمعية التعاونية.
ومن الجميل أن يكون للأسر المنتجة منافذ بيع في مقر الجمعية تكون مهيأة ومكتملة الخدمات ما يزيد من لحمة المجتمع وينشر الفكر التعاوني والترابط بين أفراده. وفي المملكة وعلى الرغم من وجود كثير من الجمعيات التعاونية في مختلف المناطق إلا أن دورها لم يظهر بشكل واضح ولم يكن له انعكاس يذكر على المجتمع. تشير الإحصائيات إلى أن عدد الجمعيات التعاونية في المملكة يبلغ 240 جمعية تراوح ما بين خدمية وتسويقية ومهنية وزراعية واستهلاكية ومتعددة الأغراض، ويبقى السؤال، هل أدت هذه الجمعيات عملها بالشكل المطلوب وهل انعكس أثرها إيجابيا على المجتمع؟ إنه لمن الأهمية بمكان أن تولي الوزارات ذات العلاقة الجمعيات التعاونية ما تستحقه من دعم ورعاية واهتمام باعتبارها رمزا من أبرز رموز مؤسسات المجتمع المدني وباعتبارها أحد الأنماط والأدوات المعتبرة التي تصب معطياتها في مصلحة الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.