السعودية .. صناعة التنمية

الأمران الملكيان اللذان أصدرهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بإنشاء هيئة لتطوير الطائف وأخرى لتطوير الأحساء، يأتيان ضمن النهضة الكبيرة التي تشهدها السعودية منذ إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ويدخلان أيضا في سياق تعزيز قدرات المدن والمناطق في البلاد، للمساهمة المباشرة في عملية البناء الاقتصادي الشاملة الماضية في مسارها وفق أعلى معايير الجودة والإنجاز.
إن هذه الخطوة تدعم أيضا مخططات القيادة العليا في استكمال الخريطة الإنتاجية - إن جاز القول - لكل مناطق ومدن السعودية، خصوصا تلك التي تتمتع بإمكانات وأدوات تسهم مباشرة في تحقيق الأهداف بانسيابية وضمن المسارات الموضوعة لها، فالأساس موجود، والعمل يستهدف الإضافة إليه وتطويره وفق النهج الأعم وهو الاستدامة، فضلا عن وجود العامل البشري المتمكن لرفد هذه المسارات بما تحتاج إليه.
"رؤية 2030" صنعت وتصنع حاليا ما يمكن وصفه بـ"الثقافة التنموية" التي عززت من قوة التحرك نحو البناء الاقتصادي العام، لتصل به إلى الشكل الذي يليق بمكانة السعودية وقدراتها واستثمار هذه القدرات إلى آخر مدى.
من هنا يمكن النظر إلى مخططات تطوير الطائف والأحساء، على أنه جانب محوري في نطاق التطوير الشامل المرن والمستدام في آن معا، والواضح أن الأوامر الملكية الخاصة بالطائف والأحساء، وتلك المرتبطة بها مباشرة، جلبت آلياتها الأولى معها، وهي المدة الزمنية المحددة لإعداد ما يلزم من ترتيبات تنظيمية بحيث لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وهذا يعني أن ورشة العمل التطويرية ستبدأ بسرعة، ما سيقلل المساحة الزمنية للوصول إلى الأهداف الموضوعة لها، ورؤية المملكة ركزت على هذا الجانب في كل مشاريعها، إلى درجة أن بعض المشاريع تم إنجازها حتى قبل مواعيدها، فعامل الوقت هو بحد ذاته أداة محورية في النهج التنموي في السعودية.
ستكون الأحساء والطائف جزءا أصيلا من مشهد التطوير الوطني الشامل، فهذه الأخيرة التي تقع في المنطقة الغربية، متقدمة أصلا في مجال بيئتها الخلابة ومناظرها الطبيعية الخضراء، إضافة طبعا إلى نقطة مهمة جدا، وهي معالمها التاريخية التي تعود إلى آلاف السنين، فضلا عن الإمكانات الزراعية الكبيرة عالية الجودة لها، وهي في وضعها الحالي، تعد متنفسا لمن يرغب في الابتعاد قليلا عن صخب المدن وحرارة الجو، وهذا ما يفسر وجود عشرات المتنزهات.
هذه الإمكانات ستحظى بقوة دفع كبيرة على صعيد التطوير والمساهمة في النسيج التنموي الوطني، في ظل المخططات التي سيتم وضعها بناء على الأوامر الملكية الأخيرة. ويعرف الجميع أن الأحساء تمثل حالة ثقافية عريقة، من تاريخ يمتد إلى أكثر من ستة آلاف عام، وتتمتع بمواقع أثرية متعددة ما يجعلها أحد أهم المقاصد في هذا المجال الحيوي على صعيد السياحة عموما، إلى جانب أنها تمتلك أكبر واحة في العالم مسجلة في "اليونسكو".
الأحساء والطائف، وغيرهما من المناطق الأخرى ذات الإمكانات المتميزة، تدخلان في الدائرة الأهم لـ"رؤية 2030"، وهي تعزيز أهداف النمو الاقتصادي لكل منطقة ومدينة، فلكل منطقة قوتها وثرواتها وإمكاناتها المختلفة بما في ذلك الثقافية والسياحية والخدماتية وغيرها، والهيئات التطويرية تقوم في الواقع بتوحيد جهود الجهات الحكومية في هذا الميدان الحيوي. وعلى هذا الأساس، يمكن النظر إلى الخريطة التي تتشكل يوما بعد يوم للمناطق والمدن السعودية، وفق مساهماتها ليس فقط في تعزيز مسار البناء الاقتصادي الشامل، بل أيضا لدعم الاستدامة في كل المجالات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي