قياس نتائج التنفيذيين الناعمة

تقديم نتائج أفضل للاقتصاد والناس يتطلب تحولا شموليا في طريقة التفكير عند قياس نتائج أعمال الوحدات الاقتصادية الربحية وغير الربحية، فالوحدات التنظيمية أو الاقتصادية بشقيها الربحي والاجتماعي، في الأغلب تقيس الأنشطة بدلا من النتائج حتى عند قياس النتائج فهناك نوعان، إما نتائج صلبة وإما ناعمة، فالصلبة تكون موضوعية ومستقلة، والناعمة يمكن وصفها بالتقييم الذاتي من المعني بالنتيجة النهائية، فمثلا نرى أن الأرقام الإحصائية تعطي مؤشرات إيجابية، ولكن المعني بالخدمة أو بالنتيجة النهائية لم يعط أي مؤشرات إيجابية على الاستفادة أو إشباع حاجاته أو رغباته، ويعزى هذا التباين إلى المتغيرات اللانهائية في سلوك الناس وحركة الاقتصاد، إضافة إلى تشتت الجهد المبذول في المستويات التنفيذية أو الفشل في نقل القيمة المرجوة إلى المتلقي النهائي أو تبني مفاهيم ثقافية مسمومة أو ضارة، كإدارة الصقور التي ترمز إلى النفعية الذاتية أو التدميرية وجلب نتائج محدودة دون اعتبار للنظام الكلي للمنظمة وثقافتها وسلامة الكيان المؤسسي المستدام، ولا سيما من منظور النظام الاقتصادي والاجتماعي والصحي للمجتمعات مقابل ترميز الإدارة المتبصرة بإدارة الحمائم كترميز فكري مضلل.
في سياق مفهوم الأثر النهائي، الناس لا يفهمون الأرقام ولكنهم بالتأكيد يفهمون النتائج الناعمة، لذا علينا كاقتصاديين أن نعمل على إحداث تحولات ثقافية كبيرة بين صناع السياسات الاقتصادية والتشريعية والقادة التنفيذيين ونساعدهم على العمل بفهم مشترك للغايات الاقتصادية النهائية وتحقيق نتائج فاعلة وإثراء صناعة القرار بشكل أفضل وفك أي اشتباك بين البيروقراطيين.
إن ما يغير واقعنا ويحقق النتائج المرجوة هو تكليف التنفيذيين بالنتائج مع ضرورة الجمع بين النتائج الصلبة والناعمة بشكل مزدوج ودون أي فصل بينهما، لاستظهار نتائج أو أنشطة متحيزة ـ إلا إذا كانت الأنشطة مرحلية أي أن النتائج وسيطة الأثر وتستغرق فترات زمنية أطول، وهنا تكمن أهمية استحضار وتذكير الفريق بالنتيجة الناعمة النهائية من كبار التنفيذيين وبشكل دائم عند الحديث عن نتائج الأنشطة أو الجهود المرحلية.
باختصار، النتائج الناعمة تعني الأثر الملموس وهو المقياس الجديد للنجاح وأي منهجية لا تحقق ذلك، تعد شكلا من أشكال التنظيم وقد لا يكون لها تأثير متعد في أداء الكيانات الاقتصادية، أي أن جميع مكونات المنظومة الاقتصادية من حكومات وشركات وقطاع عائلي ومؤسسات غير ربحية وكل الأدوات التي يستخدمها كبار التنفيذيين، ليست إلا أدوات حوكمة أو قياس أو أخلاقيات وإن تعددت مسمياتها على المستويين التشغيلي أو الاستراتيجي.
أخيرا: نجاح كبار الاقتصاديين والتنفيذيين مرهون بأمرين في تحقيق النتائج الناعمة، الصورة النهائية حاضرة دائما في مخيلة القائد وفريق العمل، والأمر الثاني إيصال الأثر كاملا لمتلقي القيمة الأخير، وختاما لقد وصلت إلى النهاية وأنت كقارئ قد تطرح سؤالا بعد كل ما سبق، هل قياس نتائج التنفيذيين الناعمة مهمة مستحيلة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي