أسعار الفائدة المنخفضة تدعم أسعار الأصول «2 من 2»

تعكس الأسعار الحقيقية للفائدة بالغة الانخفاض حالة التشاؤم بشأن النمو الاقتصادي في الأعوام المقبلة، وتخمة الادخار العالمية الناجمة عن تقدم المجتمعات في السن، والطلب على الأصول الآمنة وسط ارتفاع عدم اليقين الذي يتفاقم من جراء الجائحة وبواعث القلق الجغرافية السياسية في الآونة الأخيرة. وتواصل أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة غير المسبوقة دعمها للأصول الأكثر خطرا، على الرغم من الاتجاه الصاعد أخيرا. ويرتبط انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية طويلة الأجل بنسب الأسعار إلى الأرباح المرتفعة تاريخيا في أسواق الأسهم، إذ إنها تستخدم في تخفيض نمو الأرباح والتدفقات النقدية المتوقعة في المستقبل. وفي حالة تساوي كل العوامل الأخرى، ينبغي أن يقود تشديد السياسة النقدية إلى تعديل سعر الفائدة الحقيقي ورفع سعر الخصم، ما يؤدي إلى تخفيض أسعار الأسهم.
ورغم ضيق الأوضاع المالية أخيرا والمخاوف بشأن الفيروس والتضخم، إلا أن تقييمات الأصول العالمية تظل مفرطة. وفي أسواق الائتمان، لا تزال فروق العائد أدنى من مستويات ما قبل الجائحة رغم ما شهدته من اتساع متواضع أخيرا. وبعد عام استثنائي دعمته قوة الأرباح المحققة، بدأت سوق الأسهم الأمريكية في 2022 بتقهقر حاد وسط أجواء من التضخم المرتفع وعدم اليقين بشأن النمو، وتراجع آفاق الأرباح المتوقعة. ونتيجة لذلك، نتوقع أن يؤدي حدوث ارتفاع مفاجئ وكبير في أسعار الفائدة الحقيقية إلى هبوط ملحوظ في الأسهم الأمريكية، ولا سيما في القطاعات التي تتسم بالتقييمات المفرطة لأصول مثل التكنولوجيا.
وحدث بالفعل هذا العام أن زاد العائد الحقيقي لأجل استحقاق عشرة أعوام، بمقدار نصف نقطة مئوية تقريبا. وشهد تقلب الأسهم ارتفاعا حادا بسبب زيادة قلق المستثمرين، مع هبوط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بأكثر من 9 في المائة للعام، بينما تهاوى مؤشر ناسداك المركب بمقدار 14 في المائة.
وبشأن الأثر في النمو الاقتصادي، فإن من الممكن أن تطرأ زيادة كبيرة على تقديراتنا للنمو المعرض للخطر، التي تربط مخاطر التطورات المعاكسة المستقبلية على صعيد النمو الاقتصادي بالأوضاع الكلية المالية، إذا حدث ارتفاع مفاجئ في أسعار الفائدة الحقيقية وامتد تشديد الأوضاع المالية ليشمل نطاقا أوسع. وساعدت الأوضاع الميسرة الحكومات والمستهلكين ومؤسسات الأعمال على مستوى العالم، على الصمود في مواجهة الجائحة، لكن ذلك قد يحول مسار تشديد السياسة النقدية نحو كبح التضخم؛ ما يحدث بعض التراجع في التوسع الاقتصادي.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون تدفقات رأس المال إلى الأسواق الصاعدة معرضة للخطر. فاستثمارات الأسهم والسندات في هذه الاقتصادات تعد عموما أقل أمانا، وتشديد الأوضاع المالية العالمية قد يفضي إلى تدفقات رأسمالية خارجة، وخاصة بالنسبة للدول التي تتسم بعوامل اقتصادية أساسية أضعف.
بالنظر إلى المستقبل، ومع استمرار التضخم، تواجه البنوك المركزية ضرورة حفظ التوازن. وفي الوقت ذاته، لا تزال أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة بشدة في كثير من الدول. ويجب أن يقترن تشديد السياسة النقدية ببعض التشديد للأوضاع المالية. لكن قد يسفر هذا عن عواقب غير مقصودة إذا تم تشديد الأوضاع المالية العالمية بدرجة حادة. ومن المحتمل أن يؤدي حدوث زيادة إضافية ومفاجئة في أسعار الفائدة الحقيقية، إلى عملية مربكة من إعادة تقييم الأسعار؛ بل ربما أيضا موجة بيعية للأسهم. وبينما تظل مواطن الضعف المالي متزايدة في عدة قطاعات، ينبغي للسلطات النقدية أن تقدم إرشادات واضحة عن الموقف المستقبلي للسياسة النقدية بغية تجنب التقلب غير الضروري وحماية الاستقرار المالي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي