سوق إقليمية للكهرباء بقيادة السعودية
الاتجاهات الجديدة عالميا تعمل على تحقيق الموازنة بين رفع جودة الطاقة وضمان سلامة البيئة والوصول إلى إمدادات موثوقة وبتكلفة ميسورة ومستدامة، لهذا سأتحدث اليوم عن تجارة الكهرباء عبر الحدود وأهمية نشوء أسواق كهرباء إقليمية تنافسية، ولا سيما أنها تزيد استيعاب الطاقة المتجددة وخفض الانبعاث الكربوني.
فكرة الربط الكهربائي بين الدول واقتران الأسواق سيدمج قدرات الدول ويسهم في نشوء أسواق جديدة تتبادل فيها الطاقة الكهربائية على أسس تجارية وتنافسية مع تعظيم المنفعة وتخصيص الموارد بشكل أمثل اقتصاديا.
تشير نتائج الأبحاث إلى أن تعزيز التعاون بين الدول في مشاريع ربط الكهرباء، يمثل بديلا مستداما في مواجهة تحديات تذبذب أسعار الطاقة وتقلباتها الاقتصادية وظروف الطقس والبيئة والآثار الاجتماعية المرتبطة بأسعار الطاقة ويعالج فجوتي التوليد والاستهلاك من أجل تلبية الطلب المتصاعد للكهرباء في ظل أن تقليص العجز القدرات الكهربائية يتطلب كثافة مالية لا تستطيع ميزانيات الحكومات تحملها غالبا.
إن الجهود السعودية بقيادة الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة لإنجاح تجربة الربط الكهربائي بين السعودية والعراق ومصر والأردن تأتي ضمن خطط المملكة لتكون مركزا إقليميا لربط منظومات الكهرباء في المنطقة وبطبيعة الحال، لا يمكننا النجاح منفردين دون تحسن قدرات الدول المجاورة لنا اقتصاديا، فسلسلة القيمة العالمية والإقليمية - إن صح التعبير - تعتمد بشكل جوهري على قدرات الدول المحيطة ومدى تكاملها الاقتصادي معنا.
بحسب بيانات البنك الدولي، الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أقل المناطق في تكاملها الاقتصادي، فالتجارة بين دول الاتحاد الأوروبي تقدر بـ 36 في المائة مقابل 10 في المائة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لذا جهود المملكة في إنشاء سوق إقليمية للكهرباء وتسخير قدراتها الاقتصادية لخدمة اقتصادات المنطقة، سيحسن من التجارة والتكامل الاقتصادي بين اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبانعكاسات اقتصادية ثمينة وواسعة على المديين المتوسط والبعيد.
ستحقق الدول وفرة مالية على المدى القريب، تجربة دول مجلس التعاون الخليجي في ربط الكهرباء خير شاهد، بلغ حجم الوفرة المالية ثلاثة مليارات دولار منذ 2009 إضافة إلى حالتي الاستقرار والاستدامة في الإمداد وانخفاض تكاليف الصيانة والتشغيل، أما إذا نظرنا للمستقبل وآفاق تجارة الكهرباء عبر الحدود بين الدولة العربية، فإن لها آفاقا أبعد من تحقيق الأمن الكهربائي وأهمها التوسع في الإنتاج والتصدير إلى دول جديدة في الشرق الأوسط وإفريقيا ووسط آسيا بأسعار تنافسية.
في الختام: نجاحات السعودية محفزة للجميع وقيام سوق إقليمية لتجارة الكهرباء سيدعم تحول مشاريع الكهرباء المملوكة للحكومات وشركاتها، لتشكل سوقا أولية وفي الحين ذاته ستتولد لدينا سوق ثانوية للقطاع الخاص والاستثماري مع فرص لترقية بعض أسواقنا الإقليمية للانضمام للأسواق الناشئة، ودراسة التجربة الأوروبية يمكنها أن تكشف لنا مدى جاذبية الاستثمارات التي ستتولد في التصنيع والنقل والتوزيع والتوليد وفي نهاية المطاف المشاركة في امتصاص بطالة شباب المنطقة.