توعية وانتباه وتدبر

"البريطانيون يلجؤون إلى بنوك الطعام مع التهاب الأسعار!". عنوان لافت من بلد غني، ويبدو أن التضخم في 2022 سيطال الجميع أو معظم أرجاء المعمورة بسبب إشكالات الإنتاج، واستمرار مشكلات سلاسل الإمداد، وربما أسباب أخرى كبيرة وصغيرة.
حولك هنا ارتفعت أسعار كثير من السلع الغذائية، أو قلت عبوات بعض السلع، وربما جودتها، وأستعير من صديق عزيز في نقاش عن بعض المنتجات وأسعارها الجديدة أنه لاحظ أن حتى المناديل الورقية، أصبحت رقيقة جدا إلى درجة "فرضت عليك مداراتها حتى لا تتفتت بين أصابعك، بعبارة أخرى صار عليك أن تعتني بالمناديل بدلا من أن تعتني بك!".
هذا التعليق الظريف عميق جدا، ويمكنني استعارة "مداراتها حتى لا تتفتت" للحديث عن ميزانيتك، وأوضاعك المعيشية، فالأزمة عالمية كما هو واضح من التقارير اليومية في كل مكان، ومدخلات الإنتاج والتكاليف اللوجستية إذا ارتفعت فلا مناص من ارتفاع الأسعار، حتى تنفرج الأمور عالميا نأمل ألا تلقي بظلالها محليا لذا يجب الحذر الكبير عند الإنفاق، والاستهلاك.
في مجتمع خير كمجتمعنا تبدو بعض الأفكار المتعلقة بالجوع غير واردة، لكن الجوع نسبي، كما هو الفقر، وربما اليوم لدى بعض العائلات احتياجات أساسية ستتأثر ما لم يفطنوا إلى ما يحدث، وما يحدث لا أحد يتكلم عنه رسميا إلا بنشر أرقام التضخم وهو جهد مشكور، لكن عامة الناس لا تعرف ماذا تعني هذه النسب، إنها تعرف كم ارتفع سعر هذا الغذاء أو تلك العبوة وعليه تقيس.
ربما ينبغي لوزارة التجارة، وجمعيات حماية المستهلكين، وأصحاب الرأي والتأثير توعية الناس أكثر دون مبالغة في الفزع، وكما استوعب الناس مثلا تداعيات الجائحة على بعض أنماط حياتهم ومعيشتهم، يمكنهم إذا تم تكثيف التوعية أن يستوعبوا تداعيات ما بعد الجائحة، أو المراحل الأخيرة منها، وستكون فرصة لدق أجراس التنبيه على أسلوب استهلاكهم، وفرصة أيضا لزيادة الوعي المالي، وربما يستفيد البعض أكثر ويغيرون نمط حياتهم.
ما يحدث يعيد الأسئلة حول الجمعيات التعاونية في الأحياء والمدن الصغيرة، وحول آليات تسويق منتجاتنا المحلية الزراعية والغذائية حيث جل المكاسب تذهب في منطقة الوسط أو لعلي أسميها منطقة الوسطاء بين المنتج خاصة المزارع والمستهلك النهائي.
الأمن الغذائي في المملكة ممتاز، والأمن الاجتماعي كذلك بوجود ضمان وتنمية اجتماعية قوية، لكن ضغط ارتفاع الأسعار "التدريجي والصامت" قد يكون كبيرا خصوصا في هذا العام، وعلينا أن ننتبه، ونتساعد، وأن نتدبر وندبر، ولعل فرج الله قريب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي