أهمية أداء جهاز الخدمة المدنية «1من 2»
دأبت القطاعات العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على السعي حثيثا وراء الإصلاح على مدى عقود. ويشكل موظفو القطاع العام 25 في المائة من إجمالي الوظائف في مختلف أنحاء المنطقة، وتمثل رواتبهم 32 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي، وهي نسبة أعلى في المتوسط من أي منطقة أخرى في العالم. ومع ذلك، ظلت نواتج الأداء الحكومي في المنطقة دون المستوى المطلوب مقارنة بالدول الأخرى.
وحول الحديث عن مؤشرات الحوكمة العالمية حسب التصنيف العالمي، فإنه تتضمن معايير مكافحة الفساد وطرح سيادة القانون ورفع شعار جودة الإجراءات التنظيمية وأداء فاعلية الأدوات الحكومية.
وفي الواقع، نلاحظ تدهور أداء المنطقة، خلال العقد الماضي، في عديد من أبعاد نظام الحوكمة والإدارة العامة. فوفقا لمؤشرات الحوكمة العالمية، انخفض الترتيب المئيني للمنطقة على مؤشر فاعلية الحكومات من 50 عام 2010 إلى 42 عام 2020. ولوحظ اتجاه مماثل في الأبعاد المتعلقة بجودة الإجراءات التنظيمية "من 47 إلى 43"، وسيادة القانون "من 47 إلى 44"، ومكافحة الفساد "من 46 إلى 40".
ويخلف سوء نظام الحوكمة والقطاع العام عواقب حقيقية على حياة مواطني المنطقة، كما أثر في نظرة مواطنيها إلى أوضاعهم. فعلى سبيل المثال، وفقا لأحدث مسح للبارومتر العربي، ذكر 58.7 في المائة من المستجيبين أنهم ما بين غير راضين وغير راضين على الإطلاق عن أداء حكومتهم، في حين لم يذكر سوى 12.2 في المائة أن لديهم قدرا كبيرا من الثقة بالحكومة. وأفاد المجيبون بأنهم غير راضين عن أنظمة الصحة والتعليم العامة بدرجة كبيرة في دولهم "61.8 في المائة و70.7 في المائة على التوالي" وعن كيفية تعامل حكوماتهم مع جائحة كورونا "61.9 في المائة من المستجيبين شعروا أن استجابة حكومتهم كانت إما سيئة أو سيئة للغاية.
وفي بعض أنحاء منطقة الشرق الأوسط، يطالب مواطنو المنطقة حكوماتهم ببذل مزيد وتقديم الأفضل. ولذلك أصبح إصلاح جهاز الخدمة المدنية الأساسي من أجل تقديم أداء أفضل للمواطنين ومؤسسات الأعمال على حد سواء، أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وسيتطلب هذا الإصلاح النظر في آلية الإدارة العامة وتحليل كيف يمكن أن يكون لجوانب مثل قرارات التوظيف والترقية، وبرامج التدريب وتنمية القدرات، ومتابعة وإدارة أداء الموظفين، تأثير إيجابي طويل الأجل في الفاعلية العامة للحكومة وتقديم الخدمات. ومما يؤسف له تسجيل عديد من دول المنطقة درجات ضعيفة في جميع المؤشرات المذكورة أعلاه. فوفقا لأحدث البيانات الواردة من معهد V-Dem، لا يزال التوظيف في القطاع العام في المنطقة مدفوعا بالانتماء السياسي أو التصنيف الاجتماعي والاقتصادي وليس الجدارة... يتبع.