Author

الناجحون والقدرة على اتخاذ القرارات

|
تجتهد الحكومات والشركات، والأفراد في إيجاد الكفاءات الإدارية المتميزة، أو على أقل تقدير الكفاءات الناجحة، لما في ذلك من نجاح تحققه الشركة، أو الجهاز الحكومي في أداء مهماتها، وتحقيق مكاسب اقتصادية إن كانت منظمة منتجة لسلع مادية، أو معنوية، ومن الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام خلال الأعوام الماضية سعي كبرى الشركات العالمية مثل "مايكروسوفت"، و"جوجل"، و"أبل"، و"واتساب"، وكذا شركات صناعة السيارات، وشركات البترول، وغيرها إلى استقطاب المديرين ذوي الكفاءات العالية، وقد برز على رأس كبرى الشركات العاملة في المجال التقني مجموعة من الهنود الذين تم استقطابهم برواتب ضخمة، وميزات كثيرة مغرية.
قراءة في سير هؤلاء المديرين الناجحين تجد أنهم جاءوا من خلفيات اجتماعية عادية، إن لم تكن متواضعة من حيث الثراء المادي، إلا أنهم درسوا في جامعات، ومعاهد تقنية مكنتهم من اكتساب المعرفة بشكل متميز فتحت لهم هذه المعرفة الطريق لتطوير ذواتهم في مجالهم المعرفي التخصصي، والسؤال الذي يفرض نفسه هـل من علاقة بين المعرفة المختصة، والنجاح في إدارة المنشأة أيا كانت طبيعة عملها؟ الإجابة ليس ذلك بالضرورة، فكم من الأفراد من هو متميز في مجال التخصص، وبارع فيه حتى ليشار إليه بالبنان كأن يكون مهندسا لا يشق له غبار، أو طبيبا متميزا، لكن عندما يتسنم منصبا إداريا لا يحقق التميز، والعالمية التي حققها في مجال تخصصه، بل يصاحبه الإخفاق.
المعرفة التخصصية، والمهارات المصاحبة لها تختلف عن خصائص الشخصية الواجب توافرها ليحقق الفرد النجاح في قيادة المنظمة التي يرأسها، والتاريخ، والواقع يشهد بذلك، حيث نجح أفراد، وأخفق آخرون، فكم من شركة أو إدارة حكومية نجحت في أعوام لوجود شخص قادها للنجاح، وكم من منظمة كانت أمورها سائرة بشكل جيد، لكن لسبب، أو لآخر ترأسها فرد يفتقد مقومات الإدارة فساءت أمورها، وتراجع أداؤها.
الكتب المختصة في الإدارة، وكذا كتب الشخصية مليئة بالمعلومات التي تتناول نظريات الإدارة، ومقومات النجاح، والفشل، كما أن كتب الشخصية هي الأخرى ملأى بنظريات الشخصية، وتصنيفاتها، والحديث عن الخصائص الفطرية، والخصائص المكتسبة من خلال المواقف، والتجارب الصاقلة للسمات على أن هذا لا يعني على الإطلاق أن قراءة كتب الإدارة، والتخصص فيها ستجعل من الفرد إداريا ناجحا، فالمعرفة الإدارية لا تكفي وحدها دون خصائص شخصية ضرورية تمكن من هو على رأس الهرم من استثمار كل العناصر المادية، والبشرية، والوقت، بما فيه مصلحة المنظمة، وهذا لا يتحقق دون الاقتراب من الجميع، وتحفيزهم، والرفع من هممهم، وشعورهم العميق بالولاء القوي للمنظمة، وكما لو أنهم هم ملاكها.
أجرت شركة جوجل بحثا استمر عشرة أعوام استهدف الإجابة عن سؤال ما خصائص المدير الناجح؟ وأثمرت نتائج الدراسة عن عشر خصائص يلزم توافرها في المدير الناجح، ويأتي على رأسها أن يكون مدربا ناجحا لفريق عمله في كيفية حل المشكلات، وذلك باغتنام فرصة حدوث مشكلة ليجمع الزملاء، ويعقد ورشة عمل يدربهم خلالها كيف يحلون المشكلات عموما، وكيف يحلون المشكلة القائمة.
تفويض بعض الصلاحيات، وعدم التدخل في كل شيء، وإعطاء فريق العمل التفكير في طريقة إنجاز المهمات، طالما أنها ستؤدي للنتيجة نفسها المستهدفة من المنظمة، وهذه الخاصية تشجع على الإبداع، وتحرر من الروتين الممل القاتل للعقول، كما أن المدير الناجح يصنع بيئة آمنة نفسيا لا يوجد فيها تنمر، أو استهزاء، وتقليل من شأن الأفراد، حتى يشعر الجميع بالطمأنينة، وإبداء الآراء بثقة، وعدم تردد. كما أن خاصية الإنتاج، ومشاركة فريق العمل في إنجاز المهمات، ومساعدتهم فيما يواجههم من مشكلات يمثل خاصية أساسية تتكامل مع خاصية التواصل، والحوار مع زملاء العمل، ومناقشتهم في المشكلات التي تواجههم شخصية كانت، أو ذات علاقة بالعمل.
يضاف إلى ما سبق خاصية دعم الموظفين، وتسهيل ترقيهم، حسب كفاءتهم، وإنجازهم، ومساعدتهم على تخطي ما يواجهونه من مشكلات، كما أن توافر الرؤية لدى الرئيس يسهل نموها وتوجيهها لتحقيق الأهداف المرسومة، بدلا من التعثر، والتشتت. ومن مقومات النجاح توافر المهارات التقنية اللازمة لإنجاز العمل، ما يمكنه من مساعدة الموظفين الآخرين، خاصة الجدد منهم، ومحدودي المهارات. الرؤية الشمولية للمنظمة بكامل أقسامها، وعدم التمييز بين الأقسام، أو إحداث الشرخ، والعداوة بينها خاصية يتحلى بها المديرون الناجحون، خاصية القدرة على اتخاذ القرار، وعدم التردد تمثل خاصية عليا للنجاح في الإدارة.
إنشرها