إصلاح تمويل التجارة العالمية «2 من 2»

أدت جهود سابقة لتحسين تمويل التجارة إلى انتشار الشبكات، والمعايير الرقمية، ومبادرات التحول الرقمي. ورغم أن عديدا من هذه الجهود كانت ممتازة، فإننا في احتياج إلى حل يصلح لكل العالم من أجل إغلاق فجوة التمويل التجاري التي تبلغ 1.7 تريليون دولار.
نحن نقترح نموذجا أكثر منهجية يجمع كل شيء رقميا، فيما نسميه "طبقة التشغيل البيني". لن تكون هذه طبقة جديدة من البيروقراطية ولن تكون بديلا للضوابط التنظيمية. بل هي عبارة عن بنية افتراضية توفر إطارا عالميا للمعايير والبروتوكولات والمبادئ القائمة والمستقبلية، بهدف ربط كل المشاركين في النظام البيئي لتمويل التجارة بشبكات الحاضر والمستقبل.
ستستند هذه البنية إلى ثلاث ركائز رئيسة: عوامل تمكين التجارة الرقمية، أو المعايير التي تسهم في تسهيل التحول الرقمي لكل من تمويل التجارة والتجارة العالمية والمعايير النوعية التي تعمل على تمكين التحول الرقمي في صناعة التمويل التجاري وأفضل الممارسات في التشغيل البيني للتجارة والتمويل. ومن الممكن أن يتولى كيان صناعي عالمي منفرد أو اتحاد يضم كيانات عدة إدارة هذه الطبقة، مع الاستفادة من المخططات القائمة مثل مبادرة المعايير الرقمية للغرفة التجارية الدولية التي أطلقت العام الماضي.
من المنتظر أن تنشئ طبقة التشغيل البيني شيئا أشبه بمعايير الجودة العالمية ISO لنظام التجارة، وأن تعمل عل غرار فريق عمل هندسة الإنترنت، الذي يتولى تطوير معايير الإنترنت. ويتطلب إنشاؤه التزاما قويا من جانب البنوك، والحكومات، والهيئات التجارية، والمنظمات غير الحكومية. إن التعاون الآن من شأنه أن يمكن جميع الأطراف من الحصول على فوائد ملموسة، وربما في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام في ظل حوكمة قوية.
بالنسبة إلى الحرفي المفترض في جنوب شرق آسيا، يعني هذا الإصلاح المنهجي أن كل خطوة في عملية التجارة ستكون عبر الإنترنت ويمكن نقلها من جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به. وسيجري توجيه ودعم عديد من الخطوات، بما في ذلك المرجعية الائتمانية، بواسطة الذكاء الاصطناعي، وستكون مفصلة لتناسب أعماله الصغيرة. وستشترك أنظمة الاستيراد والتصدير في لغة واحدة لإدخال البيانات، ما يؤدي إلى عملية أكثر وضوحا بالنسبة للحرفي المفترض، ومسؤولي الجمارك، والنطاق الكامل من مشغلي الأنظمة، في حين يجعل استكشاف الأخطاء وإصلاحها أمرا بسيطا وسريعا.
إن بناء التشغيل البيني على هذا النحو أمر معقد، لكن فوائده ستكون عريضة وعميقة. من المرجح أن يتمتع المشترون والموردون بقدر أكبر من السيولة، وتكاليف أقل، وتعقيدات أقل، فضلا عن مزيد من القدرة على الوصول إلى الائتمان والأسواق المباشرة بين الشركات. الواقع، إن نظام تمويل التجارة المحسن والمتكامل من الممكن أن يجتذب المستثمرين المؤسسيين الذين ظلوا بعيدين إلى حد كبير حتى الآن. وسيستفيد مقدمو الخدمات اللوجستية، الذين لا يزال كثيرون منهم يستخدمون الأوراق، من التكاليف الأقل وزيادة الأمان والكفاءة الناجمة عن توحيد المستندات التجارية. وستتمكن الحكومات والهيئات التنظيمية من الوصول إلى معلومات أكثر وأفضل لدعم التعاون مع الهيئات المالية، وربما إطلاق العنان لمزيد من التمويل.
إلى جانب كل هذا، من الممكن أن يساعد الإبداع في تكنولوجيا سلسلة الكتل والتحول الرقمي في تحسين أنظمة تمويل التجارة العالمية إلى حد كبير، وضمان امتداد المكاسب إلى الأعمال والشركات من كل الأحجام والمستهلكين في مختلف أنحاء العالم.
إن إصلاح تمويل التجارة أمر بالغ الأهمية من أجل اقتصاد عالمي أكثر استدامة وشمولية. ولأنه من الضروري أيضا ضمان التعافي القوي بعد الجائحة، فقد تكون العوائد المحتملة في الأمد القريب هائلة.
خاص بـ " الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي