ذبابة تنقذ البشرية

مخلوق صغير دقيق لا يساوي شيئا نحاول التخلص منه بشتى الطرق خصوصا ذلك النوع الذي يولد حول طبق الفاكهة. إنها الدروسوفيلا أو ذبابة الفاكهة التي رغم أنها تعيش حياة قصيرة ومملة تبدأ عندما تضع الأنثى بيوضها على سطح فاكهة فاسدة، إلا أنها تلعب دورا حاسما في التعرف على عديد من الأمراض في البشر وعلاجها.
فبعد دراسة العلماء لجينوم تلك الذبابة على مدار أعوام اكتشفوا أن البشر وذبابة الفاكهة يتشابهان وراثيا بشكل مذهل، حيث يمكن العثور على ما يقرب من 75 في المائة من الجينات المسببة للأمراض!
ومنذ فك شفرة جيناتها، استخدم العلماء في جميع أنحاء العالم بيانات جينوم ذبابة دروسوفيلا في أبحاث الأمراض المتنوعة لدراسة كيفية موت الخلايا وكيفية تطور الأعصاب بطريقة تتيح لها نقل المعلومات وكيف تبدأ وتتطور الأورام السرطانية، وكيف يتم إصلاح سلاسل الـ"د.ن.أ" داخل الخلايا وكيفية تشفير تفاصيل مظهر وشخصية كل كائن حي على وجه الأرض داخل جيناته.
يوجد في جسم ذبابة الفاكهة 13601 جينة، بينما يراوح عدد جينات الإنسان بين 80 و100 ألف جينة لكن 60 في المائة على الأقل من جينات الذبابة يمكن أن توجد أيضا في البشر بما في ذلك الجينات المتعلقة بالحالات الطبية، مثل أمراض الكلى والسرطان وداء ألزهايمر. وما لا يقل عن 70 في المائة من الجينات البشرية المسببة للسرطان يمكن أن توجد أيضا في ذباب الفاكهة. ومع أن بعض جيناتنا المتعلقة بمرض ألزهايمر وداء باركنسون موجودة أيضا في الدروسوفيلا إلا أن هذه الذبابة لا تعاني المرض!
وحتى في الحب والزواج قد تساعدك ذبابة الفاكهة على الكيفية التي توصلك إلى قلب المرأة التي تطمح للارتباط بها، حيث عكف الدكتور ستيفن جودوين، عالم الوراثة في جامعة جلاسجو على دراسة أنماط وأساليب التودد والتلطف عند هذا النوع من الذباب، أملا في تحديد العوامل التي تحدث القبول أو الرفض عند الأنثى!
وكشفت ذبابة الفاكهة السر في قلة نومك الذي قد يسبب لك كثيرا من المشكلات الصحية والنفسية، حيث اكتشف العلماء تجمع مركبات الأكسجين التفاعلي في أمعاء الذبابة عند حرمانها من النوم، ما تسبب في موتها في غضون أيام وعند إعطائها مضادات الأكسدة تمكنت من العيش 40 يوما دون أن يغمض لها جفن!
وآخر إسهاماتها في حياتنا أنها قد تنقذ آلاف البشر من العمى بعد أن استخدمها العلماء في اكتشاف آلية إنتاج البروتين المسبب للعمى!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي