حداثتنا الخاصة
سنصنع حداثتنا بأنفسنا، هكذا يجب أن نفعل، وهكذا يجب أن تكون الأمور، فالنماذج من حولنا تتساقط، خصوصا نموذج الحداثة الغربية المادية التي ارتكزت عليها آمال الكثيرين أن تكون نبراسا للحرية؛ الحرية الحقيقية وليست تلك التي يتم تفصيلها على مقاسات معينة، وفق أهواء معينة.
شخصيا أعتبر فرض القبول بالشذوذ الجنسي في بعض المجتمعات التي صنعت حداثة علمية وتقنية وتفكيرا ليبراليا، أعتبره بداية الإفلاس والسقوط، لأن المسألة تجاوزت "تفهم" وجود هؤلاء الشاذين، إلى محاولات فرض الشذوذ كواقع عبر القانون تارة، وعبر تسويغه عبر المنتجات الإعلامية والثقافية – إن صح أنها لا تفقد هذه الصفة مع سوء محتواها - ثم عبر تشغيل ماكينات الضغط المالي والنفسي ضد الأسوياء من البشر الذين لا يعجبهم هذا الحال.
سنصنع حداثتنا الخاصة ونحن فخورون بموقف بلادنا الرسمي في المحافل الدولية من كل ما هو ضد ديننا، وفطرتنا وإنسانيتنا، سنصنعها ونحن مطمئنون أن أغلب مثقفينا وكتابنا وصانعي الفن، والرياضيين، وعامة الناس يأنفون من هذه الأفكار، فضلا عن أن يخضعوها للنقاش.
هناك سذاجة ممنهجة أو هي منهجية يتسم بها بعض أيقونات بعض المجتمعات وهم يؤيدون الشذوذ، بعضهم يخشى على مصالحه، وبعضهم يعتقد أن الحرية تتيح كل فعل شاذ، وهو لا يعي معنى سقوط حضارة، أو إفلاسها، لأنه أصلا بُني فكريا وعمليا على أن يكون سطحيا، مستهلكا، وربما يمكن القول إنه تم إخضاعه لصناعات الغباء والتفاهة.
العقلاء والحكماء والعلماء الحقيقيون في مجالات الفكر والفلسفة والاجتماع والاقتصاد في تلك المجتمعات لا يقرون ما يحدث، وبعضهم يجهر بذلك، وبعضهم يخشى من الحرب على رزقه أو حتى حياته، لكنهم في طروحاتهم يتحدثون عن أفول الحضارة التي تتمسك بالشذوذ.
الشذوذ ليست له علاقة أو صلة علمية مرتبطة بجينات الإنسان التي تجعله ميوله يتغير من الطبيعة العادية، وهي حبه للمرأة كما يدعي البعض، ونتذكر أنه في عام 2014 أجرى فريق من الباحثين في جامعة نورث ويستيرن الأمريكية دراسة علمية شملت فحص الحمض النووي لـ400 ذكر من الشاذين، ولم يتمكن الباحثون من العثور على جين واحد مسؤول عن شذوذهم.
الأمر له علاقة بتدمير الفطرة والإنسانية، وبأجندات سياسية واقتصادية تستهدف شعوبا بعينها، وربما تكون له علاقة بنظريات أخرى، وفي الإجمال الأمر له علاقة بكثير من الأمور و"النيات" السيئة أيا كانت.
سنصنع حداثتنا بأنفسنا، بادئين بإعادة النظر في تعريف الأشياء والظواهر، وتسميتها باسمها الذي نعرفه، وتحديد موقفنا منها، كما نريد لا كما يُراد بنا.